واليا على المدينة ومكة والطائف، ودفع إليه إبراهيم ومحمد ابني هشام بْن إسماعيل المخزومي موثقين في عباءتين، فقدم بهما المدينة يوم السبت لاثنتي عشرة بقيت من شعبان سنة خمس وعشرين ومائة، فأقامهما للناس بالمدينة ثم كتب الوليد اليه يأمره أن يبعث بهما إلى يوسف بْن عمر، وهو يومئذ عامله على العراق، فلما قدما عليه عذبهما حتى قتلهما، وقد كان رفع عليهما عند الوليد أنهما أخذا مالا كثيرا.
وفي هذه السنة عزل يوسف بْن محمد بْن سعد بْن إبراهيم عن قضاء المدينة، وولاهما يحيى بن سعيد الأنصاري
. غزو قبرس
وفيها غزى الوليد بْن يزيد أخاه الغمر بْن يزيد بْن عبد الملك، وأمر على جيش البحر الأسود بْن بلال المحاربي، وأمره أن يسير إلى قبرس فيخيرهم بين المسير إلى الشام إن شاءوا، وإن شاءوا إلى الروم، فاختارت طائفة منهم جوار المسلمين، فنقلهم الأسود إلى الشام، واختار آخرون أرض الروم فانتقلوا إليها.
وفيها قدم سليمان بْن كثير ومالك بْن الهيثم ولاهز بْن قريظ وقحطبة بن شبيب مكة، فلقوا- في قول بعض أهل السير- محمد بْن علي فأخبروه بقصة أبي مسلم وما رأوا منه، فقال لهم: أحر هو أم عبد؟ قالوا: أما عيسى فيزعم أنه عبد، وأما هو فيزعم أنه حر، قَالَ: فاشتروه وأعتقوه، وأعطوا محمد بْن علي مائتي ألف درهم وكسوة بثلاثين ألف درهم، فقال لهم: ما أظنكم تلقوني بعد عامي هذا، فإن حدث بي حدث فصاحبكم إبراهيم بْن محمد، فإني أثق به وأوصيكم به خيرا، فقد أوصيته بكم فصدروا من عنده.
وتوفي محمد بْن علي في مستهل ذي القعدة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وكان بين وفاته وبين وفاة أبيه علي سبع سنين