[ذكر اخبار ملوك الفرس بعد الاسكندر وهم ملوك الطوائف]
ونرجع الآن إلى ذكر خبر الفرس بعد مهلك الإسكندر لسياق التأريخ على ملكهم.
فاختلف أهل العلم بأخبار الماضين في الملك الذي كان بسواد العراق بعد الإسكندر، وفي عدد ملوك الطوائف الذين كانوا ملكوا إقليم بابل بعده إلى أن قام بالملك أردشير بابكان.
فأما هشام بن مُحَمَّد فإنه قَالَ- فيما حدثت عنه: ملك بعد الإسكندر يلاقس سلقيس، ثم أنطيحس قَالَ: وهو الذي بنى مدينة أنطاكية قَالَ:
وكان في أيدي هؤلاء الملوك سواد الكوفة، قَالَ: وكانوا يتطرقون الجبال وناحية الأهواز وفارس، حتى خرج رجل يقال له أشك، وهو ابن دارا الأكبر، وكان مولده ومنشؤه بالري، فجمع جمعا كثيرا وسار يريد أنطيحس، فزحف إليه أنطيحس، فالتقيا ببلاد الموصل فقتل أنطيحس، وغلب أشك على السواد، فصار في يده من الموصل إلى الري وأصبهان، وعظمه سائر ملوك الطوائف لنسبه، وشرفه فيهم ما كان من فعله، وعرفوا له فضله، وبدءوا به في كتبهم، وكتب إليهم فبدأ بنفسه، وسموه ملكا، وأهدوا إليه من غير أن يعزل أحدا منهم أو يستعمله.
ثم ملك بعده جوذرز بن أشكان قَالَ: وهو الذي غزا بنى إسرائيل المرة الثانية، وكان سبب تسليط الله إياه عليهم- فيما ذكر أهل العلم- قتلهم يحيى بن زكرياء، فأكثر القتل فيهم، فلم تعد لهم جماعة كجماعتهم الأولى، ورفع الله عنهم النبوة وأنزل بهم الذل قَالَ: وقد كانت الروم غزت بلاد فارس، يقودها ملكها الأعظم يلتمس أن يدرك بثأرها في فارس لقتل أشك ملك بابل أنطيحس، وملك بابل يومئذ بلاش ابو اردوان، الذى قتله أردشير