ابن بابك، فكتب بلاش إلى ملوك الطوائف يعلمهم ما اجتمعت عليه الروم من غزو بلادهم، وإنه قد بلغه من حشدهم وجمعهم ما لا كفاء له عنده، وإنه إن ضعف عنهم ظفروا بهم جميعا فوجه كل ملك من ملوك الطوائف إلى بلاش من الرجال والسلاح والمال بقدر قوته، حتى اجتمع عنده أربعمائة ألف رجل، فولى عليهم صاحب الحضر- وكان ملكا من ملوك الطوائف يلي ما بين انقطاع السواد إلى الجزيرة- فسار بهم حتى لقي ملك الروم فقتله واستباح عسكره، وذلك هيج الروم على بناء القسطنطينية ونقل الملك من رومية إليها فكان الذي ولى إنشاءها الملك قسطنطين، وهو أول ملوك الروم تنصر، وهو أجلى من بقي من بني إسرائيل عن فلسطين والأردن لقتلهم- بزعمه- عيسى بن مريم، فأخذ الخشبة التي وجدهم يزعمون أنهم صلبوا المسيح عليها، فعظمها الروم، فأدخلوها خزائنهم، فهي عندهم إلى اليوم.
قَالَ: ولم يزل ملك فارس متفرقا حتى ملك أردشير فذكر هشام ما ذكرت عنه، ولم يبين مدة ملك القوم.
وقال غيره من أهل العلم بأخبار فارس: ملك بعد الإسكندر ملك دارا أناس من غير ملوك الفرس، غير أنهم كانوا يخضعون لكل من يملك بلاد الجبل ويمنحونه الطاعة.
قَالَ: وهم الملوك الأشغانون الذين يدعون ملوك الطوائف قَالَ: فكان ملكهم مائتي سنة وستا وستين سنة.
فملك من هذه السنين أشك بن أشجان عشر سنين ثم ملك بعده سابور بن أشغان ستين سنة، وفي سنة إحدى وأربعين من ملكه ظهر عيسى بن مريم بأرض فلسطين وإن ططوس بن أسفسيانوس ملك رومية غزا بيت المقدس بعد ارتفاع عيسى بن مريم بنحو من أربعين سنة، فقتل من في مدينة بيت المقدس، وسبى ذراريهم، وأمرهم فنسفت مدينة بيت المقدس، حتى لم يترك بها حجرا على حجر