بلغ المختار أمرهم، ورجع من رجع منهم، قام خطيبا فقال: ألا إن الفجار الأشرار، قتلوا الأبرار الأخيار إلا إنه كان أمرا مأتيا، وقضاء مقضيا وكتب المختار إلى ابن الحنفية مع صالح بن مسعود الخثعمي:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني كنت بعثت إليك جندا ليذلوا لك الأعداء، وليحوزوا لك البلاد، فساروا إليك حتى إذا أظلوا على طيبة، لقيهم جند الملحد، فخدعوهم بالله، وغروهم بعهد الله، فلما اطمأنوا إليهم، ووثقوا بذلك منهم، وثبوا عليهم فقتلوهم، فإن رأيت أن أبعث إلى أهل المدينة من قبلي جيشا كثيفا، وتبعث إليهم من قبلك رسلا، حتى يعلم أهل المدينة أني في طاعتك، وإنما بعثت الجند إليهم عن أمرك، فافعل، فإنك ستجد عظمهم بحقكم أعرف، وبكم أهل البيت اراف لهم بآل الزبير الظلمة الملحدين، والسلام عليك.
فكتب إليه ابن الحنفية: أما بعد، فإن كتابك لما بلغني قرأته، وفهمت تعظيمك لحقي، وما تنوي به من سروري وإن أحب الأمور كلها إلي ما أطيع الله فيه، فأطع الله ما استطعت فيما أعلنت وأسررت، واعلم انى لو اردت لوجدت الناس إلي سراعا، والأعوان لي كثيرا، ولكني أعتزلهم، وأصبر حتى يحكم الله لي وهو خير الحاكمين.
فأقبل صالح بن مسعود إلى ابن الحنفية فودعه وَسَلَّمَ عليه، وأعطاه الكتاب وقال له: قل للمختار فليتق الله، وليكفف عن الدماء، قال:
فقلت له: أصلحك الله! او لم تكتب بهذا اليه! قال له ابن الحنفية:
قد أمرته بطاعة الله، وطاعة الله تجمع الخير كله، وتنهى عن الشر كله فلما قدم كتابه على المختار أظهر للناس أني قد أمرت بأمر يجمع البر واليسر، ويضرح الكفر والغدر
. ذكر الخبر عن قدوم الخشبيه مكة وموافاتهم الحج
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة قدمت الخشبية مكة، ووافوا الحج وأميرهم أبو عبد الله الجدلي.
ذكر الخبر عن سبب قدومهم مكة:
وكان السبب في ذلك- فيما ذكر هشام، عن أبي مخنف وعلي بن مُحَمَّد،