خبر هارون حتى وقف على عبوره، فعبر في اثره، وجاء الى حي من احياء العرب، فسألهم عنه فكتموه امره، فاراد ان يوقع بهم، واعلمهم ان المعتضد في اثره، فاعلموه انه اجتاز بهم، فاخذ بعض دوابهم، وترك دوابه عندهم- وكانت قد كلت واعيت- واتبع اثره، فلحقه بعد ايام والشاري في نحو من مائه، فناشده الشاري، وتوعده، فأبى الا محاربته، فحاربه، فذكر ان حسين ابن حمدان رمى بنفسه عليه، فابتدره اصحاب حسين فاخذوه، وجاء به الى المعتضد سلما بغير عقد ولا عهد، فامر المعتضد بحل قيود حمدان بن حمدون، والتوسعه عليه والاحسان اليه ان يقدم فيطلقه ويخلع عليه، فلما اسر الشاري، وصار في يد المعتضد، انصرف راجعا الى مدينه السلام، فوافاها لثمان بقين من شهر ربيع الاول، فنزل باب الشماسيه، وعبا الجيش هنالك، وخلع المعتضد على الحسين بن حمدان، وطوقه بطوق من ذهب، وخلع على جماعه من رؤساء اهله، وزين الفيل بثياب الديباج، واتخذ للشارى على الفيل كالمحفة، واقعد فيها، والبس دراعه ديباج، وجعل على راسه برنس حرير طويل.
ولعشر بقين من جمادى الاولى منها، امر المعتضد بالكتاب الى جميع النواحي برد الفاضل من سهام المواريث على ذوى الارحام، وابطال ديوان المواريث، وصرف عمالها، فنفذت الكتب بذلك، وقرئت على المنابر وفيها خرج عمرو بن الليث الصفار من نيسابور، فخالفه رافع بن هرثمة إليها، فدخلها وخطب بها لمحمد بن زيد الطالبي وابيه، فقال: اللهم اصلح الداعي الى الحق، فرجع عمرو الى نيسابور، فعسكر خارج المدينة، وخندق على عسكره لعشر خلون من شهر ربيع الآخر، فأقام محاصرا اهل نيسابور.
وفي يوم الاثنين لاربع خلون من جمادى الآخرة منها، وافى بغداد محمد ابن إسحاق بن كنداجيق وخاقان المفلحى ومحمد بن كمشجور المعروف ببندقه وبدر بن جف أخو طغج وابن حسنج في جماعه من القواد من مصر في الامان.
وذكر ان سبب مجيئهم الى المعتضد في الامان كان انهم أرادوا ان يفتكوا