ثُمَّ دعا ابن عَبَّاس أخواله بني هلال بن عَامِر، فجاءه الضحاك بن عَبْدِ اللَّهِ وعبد الله بن رزين بن ابى عمرو الهلاليان، ثُمَّ اجتمعت مَعَهُ قيس كلها فحمل مالا.
وَقَالَ صبرة بن شيمان الحداني: يَا معشر الأزد، وَاللَّهِ إن قيسا لإخواننا فِي الإِسْلام، وجيراننا فِي الدار، وأعواننا عَلَى العدو، وإن الَّذِي يصيبكم من هَذَا المال لو رد عَلَيْكُمْ لقليل، وهم غدا خير لكم من المال قَالُوا: فما ترى؟ قَالَ: انصرفوا عَنْهُمْ ودعوهم، فأطاعوه فانصرفوا، فَقَالَتْ بكر وعبد القيس: نعم الرأي رأي صبرة لقومه، فاعتزلوا أَيْضًا، فَقَالَتْ بنو تميم:
وَاللَّهِ لا نفارقهم، نقاتلهم عَلَيْهِ فَقَالَ الأحنف: قَدْ ترك قتالهم من هُوَ أبعد مِنْكُمْ رحما، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لنقاتلنهم، فَقَالَ: إذا لا أساعدكم عَلَيْهِم، فاعتزلهم، قَالَ: فرأسوا عَلَيْهِم ابن المجاعة من بني تميم، فقاتلوهم، وحمل الضحاك عَلَى ابن المجاعة فطعنه، واعتنقه عَبْد اللَّهِ بن رزين، فسقطا إِلَى الأرض يعتركان، وكثرت الجراح فِيهِمْ، ولم يكن بينهم قتيل، فَقَالَتِ الأخماس: مَا صنعنا شَيْئًا، اعتزلناهم وتركناهم يتحاربون، فضربوا وجوه بعضهم عن بعض، وقالوا لبنى تميم: لنحن أسخى مِنْكُمْ أنفسا حين تركنا هَذَا المال لبني عمكم، وَأَنْتُمْ تقاتلونهم عَلَيْهِ، إن القوم قَدْ حملوا وحموا، فخلوهم، وإن أحببتم فانصرفوا ومضى ابن عَبَّاس وَمَعَهُ نحو من عشرين رجلا حَتَّى قدم مكة