من أهل دولتك، وسابقته وسابقة من مضى من سلفه سابقتهم ترجع عليه بذلك، وهذا رجل لم تكن له يد قط فيحمل عليها، ولا لمن مضى من سلفه، إنما كانوا من جند بني أمية قَالَ: إن كان ذلك كما تقول، فكيف بالحنق والغيظ، ولكني لست أقلع عنه حتى يطأ بساطي، قَالَ: فأتيت نصرا فأخبرته بذلك كله، قَالَ: فصاح بالخيل صيحة فجالت، ثم قَالَ: ويلي عليه! هو لم يقو على أربعمائة ضفدع تحت جناحه- يعني الزط- يقوى على حلبة العرب! فذكر أن عبد الله بْن طاهر لما جاده القتال وحصره وبلغ منه، طلب الأمان فأعطاه، وتحول من معسكره إلى الرقة سنة تسع ومائتين، وصار إلى عبد الله بْن طاهر، وكان المأمون قد كتب إليه قبل ذلك بعد أن هزم عبد الله ابن طاهر جيوشه كتابا يدعوه إلى طاعته ومفارقة معصيته، فلم يقبل، فكتب عبد الله إليه- وكان كتاب المأمون إليه من المأمون كتبه عمرو بْن مسعدة:
أما بعد، فإنك يا نصر بْن شبث قد عرفت الطاعة وعزها وبرد ظلها وطيب مرتعها وما في خلافها من الندم والخسار، وإن طالت مدة الله بك، فإنه إنما يملي لمن يلتمس مظاهرة الحجة عليه لتقع عبره بأهلها على قدر إصرارهم واستحقاقهم وقد رأيت إذكارك وتبصيرك لما رجوت أن يكون لما أكتب به إليك موقع منك، فإن الصدق صدق والباطل باطل، وإنما القول بمخارجه وبأهله الذين يعنون به، ولم يعاملك من عمال أمير المؤمنين أحد أنفع لك في مالك ودينك ونفسك، ولا احرص على استنقاذك والانتياش لك من خطائك مني، فبأي أول أو آخر أو سطة أو إمرة إقدامك يا نصر على أمير المؤمنين! تأخذ أمواله، وتتولى دونه ما ولاه الله، وتريد أن تبيت آمنا أو مطمئنا، او وادعا او ساكنا او هادئا! فو عالم السر والجهر، لئن لم تكن للطاعة مراجعا وبها خانعا، لتستوبلن وخم العاقبه، ثم لا بد ان بك قبل كل عمل، فإن قرون الشيطان إذا لم تقطع كانت في الأرض فتنة وفسادا