للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبيرا، ولأطأن بمن معي من أنصار الدولة كواهل رعاع أصحابك، ومن تأشب إليك من أداني البلدان وأقاصيها وطغامها وأوباشها، ومن انضوى إلى حوزتك من خراب الناس، ومن لفظه بلده، ونفته عشيرته، لسوء موضعه فيهم وقد أعذر من أنذر والسلام.

وكان مقام عبد الله بْن طاهر على نصر بْن شبث محاربا له- فيما ذكر- خمس سنين حتى طلب الأمان، فكتب عبد الله إلى المأمون يعلمه أنه حصره وضيق عليه، وقتل رؤساء من معه، وإنه قد عاذ بالأمان وطلبه، فأمره أن يكتب له كتاب أمان، فكتب اليه، أمانا نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإن الإعذار بالحق حجة الله المقرون بها النصر، والاحتجاج بالعدل دعوة الله الموصول بها العز، ولا يزال المعذر بالحق، المحتج بالعدل في استفتاح أبواب التأييد، واستدعاء أسباب التمكين، حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين، ويمكن وهو خير الممكنين، ولست تعدو أن تكون فيما لهجت به أحد ثلاثة:

طالب دين، أو ملتمس دنيا، أو متهورا يطلب الغلبة ظلما، فإن كنت للدين تسعى بما تصنع، فأوضح ذلك لأمير المؤمنين يغتنم قبوله إن كان حقا، فلعمري ما همته الكبرى، ولا غايته القصوى إلا الميل مع الحق حيث مال، والزوال مع العدل حيث زال، وإن كنت للدنيا تقصد، فأعلم أمير المؤمنين غايتك فيها، والأمر الذي تستحقها به، فإن استحققتها وأمكنه ذلك فعله بك.

فلعمري ما يستجيز منع خلق ما يستحقه وإن عظم، وإن كنت متهورا فسيكفي الله أمير المؤمنين مؤنتك، ويعجل ذلك كما عجل كفايته مؤن قوم سلكوا مثل طريقك كانوا أقوى يدا، وأكثف جندا وأكثر جمعا وعددا ونصرا منك فيما أصارهم إليه من مصارع الخاسرين، وأنزل بهم من جوائح الظالمين وأمير المؤمنين يختم كتابه بشهادة أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله ص، وضمانه لك في دينه وذمته الصفح عن سوالف جرائمك، ومتقدمات جرائرك، وإنزالك ما تستأهل من منازل العز والرفعة إن أتيت وراجعت، إن شاء الله والسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>