فإن أمير المؤمنين بنفسه ... أتاكم وإلا نفسه فخيارها
هو الملك المأمول للبر والتقى ... وصولاته لا يستطاع خطارها
وزير أمير المؤمنين وسيفه ... وصعدته والحرب تدمى شفارها
ومن تطو أسرار الخليفة دونه ... فعندك مأواها وأنت قرارها
وفيت فلم تغدر لقوم بذمة ... ولم تدن من حال ينالك عارها
طبيب بإحياء الأمور إذا التوت ... من الدهر أعناق، فأنت جبارها
إذا ما ابن يحيى جعفر قصدت له ... ملمات خطب لم ترعه كبارها
لقد نشأت بالشام منك غمامة ... يؤمل جدواها ويخشى دمارها
فطوبى لأهل الشام يا ويل أمها ... أتاها حياها، أو أتاها بوارها
فإن سالموا كانت غمامة نائل ... وغيث، وإلا فالدماء قطارها
أبوك أبو الأملاك يحيى بْن خالد ... أخو الجود والنعمى الكبار صغارها
كأين ترى في البرمكيين من ندى ... ومن سابقات ما يشق غبارها
غدا بنجوم السعد من حل رحله ... إليك، وعزت عصبة أنت جارها
عذيري من الأقدار هل عزماتها ... مخلفتي عن جعفر واقتسارها
فعين الأسى مطروفه لفراقه ... ونفسي اليه ما ينام ادكارها
وولى جعفر بْن يحيى صالح بْن سليمان البلقاء وما يليها، واستخلف على الشام عيسى بْن العكي وانصرف، فازداد الرشيد له إكراما فلما قدم على الرشيد دخل عليه- فيما ذكر- فقبل يديه ورجليه، ثم مثل بين يديه، فقال: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي أنس وحشتي، وأجاب دعوتي، ورحم تضرعي، وأنسأ في أجلي، حتى أراني وجه سيدي، وأكرمني