إن العقيد يظلم نفسه إذ يخوض فى هذه البحوث ويقرر هذه النتائج.. ثم يبقى بعد ذلك كله أمر مهم، هل للعدالة مكانها فى سلوك الحكام المسلمين أم لا؟
إن الله عز وجل يقول فى كتابه:" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى "(المائدة: ٨)
ومعنى ذلك أن يحكم العقل والإنصاف مشاعر الحقد والغضب.
مهما كرهت فرداً أو جماعة فلا يجوز إذا كنت تقياً أن أسترسل مع هواى فى سجن خصومى أو تعذيبهم أو تهديد حاضرهم ومستقبلهم..
والمألوف فى أرض الله كلها ـ عدا الغابات وما إليها ـ أن يحقق مع المتهم، وأن يمنح حق الدفاع عن نفسه، وأن يمحص القاضى ما نسب إليه فى نزاهة، ثم يصدر الحكم فى أناة وتبصر بالإدانة أو التبرئة..
أما القذف بالناس فى السجون لأن الحاكم رأى ذلك فشىء منكر جعله القرآن الكريم قرين سفك الدم الحرام، وعابه على اليهود فى قوله:" ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان "(البقرة ٨٥) .
لماذا يشرد الطالب عن داره فلا يتم تعليمه أو رب الأسرة عن بيته فتتعرض زوجته وأولاده للمآسى والمعاصى؟؟
إن الحاكم الذى ينتسب إلى الإسلام يستحيل أن يتدلى إلى هذه المسالك..
إننى أحد الذين اعتقلوا يوم كنت منتسباً إلى جماعة الإخوان، وحتى بعد فصلى من الجماعة اعتقلت لأنى لم أتخل عن العمل الدينى.
إننى ما سئلت عن شىء قبل أو بعد الاعتقال، لأنه لم يكن هناك ما أسأل عنه! غير أن التجارب التى ذقتها والمشاهد التى رأيتها جعلتنى أزداد رسوخاً فيما كنت أقوله