التواضع لله من دلائل الرشد وأمارات الإيمان، بل هو من علامات الصحة العقلية والنفسية، فإن المعجب بنفسه المتكبر على غيره إنسان لم يعرف حقيقته، ولم يتصرف فى نطاق هذه الحقيقة فهو مصدر تعب وقلق حيث كان..!
ومبلغ علمى أن أصحاب المواهب النفسية متواضعون، وأن الذى رزقهم النبوغ لم يشنهم بهذا اللون من الجهالة، فهم يضعون تفوقهم الشخصى فى خدمة الآخرين، وبقدر ما فى معادنهم من صلابة يبتذلون أنفسهم لأمتهم ومبادئهم، دون قلق على مكانة موهومة أو منزلة مزعومة!
أما الذين يستخفون وراء أسوار من المراسم والشارات فأغلبهم هش المعدن قريب العطب.
وأغلب من عرفت من المتكبرين أقوام صغار المواهب يسترون علاتهم بافتعال مظاهر لا أصل لها!!
ولو أن امرءاً ما استكبر بعلم حقيقى، أو بطولة رائعة، أو مال ممدود، أو قيادة حكيمة، أو غير ذلك من أسباب الرفعة.. لكان مخطئاً أفدح الخطأ.. لماذا؟.. لأن واهب النعمة والخير والبروز هو الله جل شأنه.
والإنسان جسر يعبر عليه الفضل الأعلى، ومجلى لهذه العارية الطارئة عليه من غيره لا من ذاته، فلم الكبرياء على الله؟
ما أحسن قول الرجل المؤمن لأخيه المغتر بثرائه:
" ولولا إذ دخلت جنتك قلت: ما شاء الله لا قوة إلا بالله "(الكهف: ٣٩)
إن المدل بجماله لم يصنع شيئاً من ملامحه الوسيمة، وذوو المواهب العليا رزقهم التفوق من خلقهم ومهد لهم واختبرهم بما أتى، فلماذا الغرور بالنفس؟
ولنترك هذا الكبر الذى لا يعتمد على سناد أى سناد فى تفكير أصحابه..
ولننظر إلى قوم آخرين يستكبرون بالهباء أو بما لا يزن شيئاً طائلاً..
وقد كثر هذا النوع فى بلادنا، وتوزع على مناصب شتى هنا وهناك، ومسخت دعاواهم كل شىء.