وجدتنى مضطراً للعمل بقانون " نابليون " الفرنسى!! " (فى كتاب تاريخ المحاكم المختلطة والأهلية للأستاذ عزيز خانكى، وتسمى الآن المحاكم الوطنية، والنقل عن مجلة " المسلم ")
قال رفاعة الطهطاوى ـ مجيباً الخديوى ـ: يا أفندينا: إنى سافرت إلى أوربا، وتعلمت فيها، وخدمت الحكومة، وترجمت كثيراً من الكتب الفرنسية، وقد شخت، وبلغت إلى هذه السن، ولم يطعن فى دينى أحد، فإذا اقترحت الآن هذا الاقتراح بأمر منكم طعن علماء الأزهر فى دينى، وأخشى أن يقولوا: إن الشيخ رفاعة ارتد عن الإسلام آخر عمره؛ إذ يريد تغيير كتب الشريعة وجعلها مثل كتب القوانين الوضعية.. فأرجو أن يعفينى أفندينا من تعريض نفسى لهذا الاتهام؛ لئلا يقال: مات كافراً. فلما يئس الخديوى.. أمر بالعمل بالقوانين الفرنسية..
والقصة المحزنة تحكى فساد الأمراء والعلماء جميعاً، وتكشف أن ما أصاب المسلمين من شتات وخزى ليس بلاء يؤجرون عليه، ولكنه عقاب يستحقونه "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون".
ولقد كنت أسأل نفسى: نحن نكافح هذه القوانين المستوردة من الخارج وما تتضمنه من فساد وإلحاد، فكيف دخلت بلادنا، وماذا كان موقف العلماء منها يوم جاءت، ولِم لمَ يموتوا دون تحكيمها فى مجتمعنا؟
ثم علمت أن موتنا الأدبى هو الذى مهد لقبولها واستقرارها.. ومع نهضتنا الإسلامية الحالية بدأت تشريعات جنائية ومدنية تستقى من ينابيع الإسلام الأصيلة، ولا ريب أننا نملك أعظم ثروة تشريعية فى القارات الخمس غير أنها دفينة فى صحائف مهجورة ومصبوبة فى قوالب قديمة، ونستطيع أن نسترشد بها فى إقامة صرح قانونى إسلامى شامخ..
ويبقى قبل ذلك وبعده أن يزدهر الفقه الدستورى عندنا، ويتخلص من أوهام العصور المتخلفة ورعايا حكام الجور..
يبقى أن تتحول كلمة " الخلافة الراشدة " مفصلة: " إن رأيتم خيراً فأعينونى وإن