إقامة إسرائيل سهلاً بعد التمهيد المزدوج الذى شرحناه آنفاً، وهو إبعاد الولاء للإسلام فى المجال العام، وتوهين الرباط بالعقيدة فى مجال العبادة والخلق وأنواع المعاملات الأخرى.
ونستطيع أن نقول دون مواربة أو مداهنة إن كل نزعة ترمى إلى إنصاف الإسلام ـ من حيث هو جامعة عامة أو من حيث هو ضمير ـ ليس إلا امتداداً للزحف الاستعمارى والتفافاً خسيساً حول بقايا الإيمان فى قلوبنا وصفوفنا.
ولن تجد إسرائيل خيراً من هذه النزعات بعينها على البقاء، ويضاعف انتصاراتها علينا.
ولا أدرى كيف فشت هذه الخيانات الدينية فى أرجاء الأمة العربية! إن هناك معادلة يجب أن يحفظها كل عربى عن ظهر قلب هى " عرب - إسلام = صفر ".
نعم، العرب بدون دينهم لا يساوون شيئاً..
وقد كنا نحن مسلمى أفريقيا لا نفرق بين العروبة والإسلام، كما أن مؤرخى أوربا لا يعرفون هذه التفرقة حين قال جوستاف لوبون: إن العالم لم يعرف فاتحاً أرحم من العرب.
حتى البدعة المهينة التى اختلقها ميشيل عفلق واقترح فيها البعد عن الإسلام طريقاً للبعث العربى!
والواقع أن الرجل بنصيحته تلك كان يحفر القبر العربى ليدفن فيه أمة ورسالة.
وليس غريباً من مثله أن يصنع ما صنع! إنما الغريب أن يفتتن بنعرته بعض الناس فيسارعوا إلى الارتداد عن الإسلام والكفر بالله والمرسلين.
فماذا أفادوا؟ إنه لم تظهر دعوة أشأم على قومها وأبين فشلاً وأسوأ عقبى من هذه الدعوة المرتدة.
ولعل العرب يعقلون بعد أن مس جلدهم لهب الأحداث ويعرفون إلى أين قادتهم هذه الخدع، وكيف عفرت وجوههم بالتراب؟
وفرية أخيرة نريد دحضها.. إن الإسلام لا يعرف التعصب ضد أديان أخرى، ولا يجعل الاختلاف الدينى ذريعة قتال وخصام، ولو أن البضعة عشر مليوناً من يهود العالم عاشوا بين ظهرانى المسلمين ما أحسوا غبناً ولا شكوا اضطهاداً مثل ما وقع