للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت دائرة هذا التشريع رحبة إلى حد بعيد فإن المرء يحار فى تفسير كلمة " مثالية " هذه التى يرمى بها الإسلام فى جانب رائع من تعاليمه.

وسأمشى مع الحدس فى تلقى هذا الاتهام وتحديده!

لعل الإسلام مثالى فى رجمه الزانى أو جلده.

إن بعض الناس إذا ذكر الشرع الإسلامى وثبت إلى ذهنه هذه القضية الخطيرة جداً (!)

وعجيب أن يذهل الفكر البشرى عن آيات الإبداع القانونى فى أزكى ميراث حضارى وعته الإنسانية فى تاريخها الطويل فلا ينزعج إلا لرجم الزانى أو جلده، أو بعض صور الحدود والقصاص الأخرى.

إن قصة الرجم يوم تكون سوأة تشريعية ـ كما يتصور البعض ـ فستكون سوأة الأديان كلها لأن الرجم هو حكم التوراة كما لا يزال مقرراً فى العهد القديم، وكذلك أحكام القصاص الأخرى!

وغريب أن يكون هذا الحكم شديداً وأن هذه الغرابة تنقطع يوم يبيح القانون العصرى الزنا، ما دام بالتراضى واللواطة أيضاً (!) ما دام الطرفان متفاهمين!!

ويمضى الاتجاه الواقعى فى مجراه المقبول (!) فيندد قاض أمريكى برجل ضرب زوجته لأنها زنت مع صديق له، وينصحه أن يطرح رجعيته أو مثاليته ويعيش فى هذا العصر المتقدم!!

إذا كانت المثالية تعنى الشرف والتسامى وإرضاء الله وضبط النفس وتهذيب الغرائز فيجب أن يكون التشريع مثالياً، ومن السماجة أن يعاب الإسلام فى هذا المضمار..

أما الواقعية التى تعنى إقرار الفسوق والعصيان، فلا أدرى لماذا تسمى قانوناً؟

إن المسالة ليست قتل مجرم أو قطع يده أو جلد بدنه.. إن المسالة أكبر من ذلك، والشريعة الإسلامية أكبر قدراً من أن تتناول بهذا الصغار الفكرى.. الأمر يتصل أولاً بحقيقة العلاقة بين الناس وربهم، وطبيعة الدين الذى نزل يحكم فيما شجر بينهم..

<<  <   >  >>