للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عصرنا هذا، عنيت الإمام ابن مالك الجياني صاحب الألفية, والإمام أبا حيان الغرناطي صاحب التفسير الكبير "البحر" و"الارتشاف" في النحو.

عكف علماء الأندلس إذًا وطلابه على كتب البصريين والكوفيين فدرسوهما واختاروا منهما، وتكوّن لهم مذهب خاص١ كانوا فيه إلى مذهب البصريين أميل، وكذلك كان أكثر العلماء الوافدين عليهم من المشرق٢ أو النازحين إليه منهم لطلب العلم. وهكذا كان رأس العلوم عندهم لنحو والشعر. ويتحدث عن نزعتهم هذه ابن سعيد فيقول: "النحو عندهم في نهاية من علوّ الطبقة"٣.

فلما نزح متأخروهم بعد النكبة، بعضهم إلى المغرب وبعضهم إلى الشام ومصر، نشروا علمهم في هذه الأقطار، وكان مذهبهم كذلك بصريا في أكثره.... إلى أن جاء ابن مالك الجياني الأندلسي نزيل دمشق ثم ابن هشام الأنصاري بعده "ولم يكن أندلسيا" فجددا في النحو بعض التجديد, وكانا يميلان إلى التوسعة, فرجحا في بعض المسائل أقوال الكوفيين حين رَأَيَا الرواية الصحيحة تؤيدهم، ولم يتعبدا


١ انظر تراجم أعلامهم، مثلا ابن الوزان القيرواني "٣٤٦" ذكروا أنه أعلم من المبرد وثعلب, وأنه بصري المذهب مع علمه بمذهب الكوفة، وأن له أوضاعا في النحو واللغة. انظر ترجمته في "إنباه الرواة للقفطي" ١/ ١٧٢-١٧٥.
٢ في ترجمة أبي علي القالي الوافد على الأندلس, والذي أملى في جامع الزهراء بقرطبة كتابه العظيم "الأمالي" أنه أظهر فضل البصريين على الكوفيين, ونصر مذهب سيبويه على من خالفه من البصريين. انظر إنباه الرواة ١/ ٢٠٥.
٣ تاريخ آداب العرب للرافعي ٣/ ٣٣٠.

<<  <   >  >>