ثالثا: الردود؛ يعرض في هذه المرحلة لردود كل فريق على حجج الفريق الآخر، وأغلب ما يطرد ذلك للبصريين.
رابعا: الحكم, لكن هذه المرحلة لا تطرد في كل المسائل، فكأن ابن الأنباري يكتفي بإيراد ردود البصريين على حجج الأولين، فتكون هذه الردود حكمه هو نفسه في المسألة المعروضة, على أنه نصر مذهب الكوفيين في مسائل قليلة.
والكتاب حافل بقواعد أصولية عامة، غير المسائل الكثيرة التي يسوق إليها الاستطراد، أما الشواهد وكثرتها فحدث عنها ولا حرج، إذ هي عمدة كل فريق في نصر ما يذهب إليه.
ودارس الكتاب١ لا يشعر إلا أنه في قاعة محكمة جلس فيها المتحاكمان ومحاموهما، والنظارة يستمعون إلى المدعي وبينته ثم إلى المدعى عليه وحجته، ثم إلى دفع كلٍّ حجة خصمه؛ فلا يكاد ينتهي المجلس إلا وقد خرج النظارة بالحكم مطمئنين أحيانا ومترددين أحيانا، قد علقوا على بعض الحجج بما يوهنها أو يقويها، وعرضوا للحكم أحيانا بما يؤيده أو بما يشكك فيه، وقد امتلأت حقائبهم من قواعد
١ كنت قررت تدريس هذا الكتاب في شهادة علوم اللغة العربية في كلية الآداب بالجامعة السورية بدمشق منذ سنة ١٩٤٨، وأنا أشهد أني والطلاب كنا ننتظر بشوق موعده الأسبوعي؛ لشعورنا بالجو القضائي فيه أكثر من الجو الدراسي.