للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} ١: إن التقدير: "ولم تعبدني" ففضول في فن النحو، وإنما ذلك للمفسر. وكذا قولهم: "يحذف الفاعل لعظمته وحقارة المفعول أو بالعكس, أو للجهل به, أو للخوف عليه أو منه" ونحو ذلك، فإنه تطفل منهم على صناعة البيان؛ ولم أذكر بعض ذلك في كتابي جريا على عادتهم, وأنشد متمثلا:

وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد

بل لأني وضعت الكتاب لمتعاطي التفسير والعربية جميعا"٢. وقد كان المؤلف قيل له: "هلا فسرت القرآن أو أعربته؟ " فقال: "أغناني المغني".

وكما تفرد الزمخشري بنهج خاص في تفسيره "الكشاف" ومعجمه "أساس البلاغة" سلك ابن هشام في "مغني اللبيب" طريقا فريدا امتاز به بين النحاة, بل أربى -في تفرده- على تفرد الزمخشري بالكثير الطيب.

أما خطة التأليف, فقد جعل كتابه قسمين: القسم الأول أداره على "الأدوات في اللغة العربية"، فبعد أن أحصاها وحصرها عاملة وغير عاملة، جعل يجمع كل ما استطاع من شواهدها أداة أداة؛ حتى إذا تم له جمع الشواهد على أداة ما، أمعن فيها وفي شواهدها ثم نسق معانيها المختلفة وأحكامها تبعا لهذه المعاني، وبذلك يخرج الدارس بفائدتين عظيمتين:


١ سورة الشعراء: ٢٦/ ٢٢.
٢ مغني اللبيب ص٧٢٤, مطبعة دار الفكر بدمشق سنة ١٣٨٤هـ-١٩٦٤م.

<<  <   >  >>