للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العربية"؟ وهذا يعجز عن إدراك فهمه كثير من الفصحاء فضلا عن النطق به, فقال ثعلب: "قد وجدت في كتابه نحوا من هذا: يقول: "حاشا" حرف يخفض ما بعده كما تخفض "حتى" وفيها معنى الاستثناء".

فقلت: "هذا كذا في كتابه، وهو صحيح؛ ذهب في التذكير إلى الحرف، وفي التأنيث إلى الكلمة".

قال: "والأجود أن يحمل الكلام على وجه واحد".

قلت: "كل جيد، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا ... } ١ وقرئ: "ويعمل صالحا"، وقال عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} ٢ ذهب إلى المعنى ثم قال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} ٣ ذهب إلى اللفظ, وليس لقائل أن يقول: لو حمل الكلام على وجه واحد في الآيتين كان أجود؛ لأن كلا جيد.

فأما نحن "يريد البصريين" فلا نذكر حدود الفراء؛ لأن صوابه فيه أكثر من أن يعد، ولكن هذا أنت يا ثعلب عملت كتاب "الفصيح" للمبتدئ المتعلم, وهو عشرون ورقة أخطأت في عشرة مواضع منه ... إلخ.

وفصل الزجاج هذه المواضيع مستشهدا بكلام العرب, فانظرها في مظنتها.


١ سورة الأحزاب ٣٣ الآية ٣١.
٢ سورة يونس ١٠ الآية ٤٢.
٣ الآية التالية ١٠/ ٤٣.

<<  <   >  >>