٢- لم تكن أكثر هذه المجالس عادلة، فميل السلطان إلى أحد الخصمين وتقريبه له ومكانته عنده، كل ذلك قوى نفسه فاستطال على خصمه بدالته ولسانه وجاهه في القصر وعند الشهود، وتحدثت هذه المجالس بغلبته، إلى أن مضت الأيام وانقضت تلك الاعتبارات, وحكم التاريخ فرد الحق إلى أهله.
وبعد، فقد بلغ هذا الخلاف أجله، ودرج العلماء والمؤرخون على أن هناك مذهبا بصريا وآخر كوفيا، فما معالم كل من المذهبين. وما أهم الميزات لهذا وذاك؟
أبادر قبل بسط هذه المعالم إلى تسجيل أمرين لا بد منهما إذا أردنا الدقة في البحث والاحتياط في الأحكام:
١- نحن اليوم نملك من كتب البصريين عددا صالحا يساعدنا في إرسال الأحكام بشيء من الاطمئنان، فقد راجت في الأقطار منذ تأليفها حتى اليوم، وشرح منها الشيء الكثير، وتداولته الطلبة على مر السنين. ثم كان الذين ألفوا في طبقات النحويين وأخبارهم ممن طبعت كتبهم ينصر أكثرهم المذهب البصري، وكان النحو في الشام ومصر والمغرب والأندلس بصري الطابع في أكثر مسائله أغلب الأزمان، وهذا كله قد خدم كتب البصريين ونحوهم خدمة لم يحظ ببعضها المذهب الآخر.
أما الكوفيون, فلم يطبع من كتبهم النحوية حتى الآن شيء فيما