للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لابن الأنباري"١ وفي كتب النحو الأخرى٢. وما أكثر ما نقرأ فيها: "قال البصريون إلا فلانا وفلانا كذا، وذهب الكوفيون إلا فلانا إلى كذا".

ولم يطرد الصواب في أحد المذهبين اطرادا، بل تجده تارة مع هؤلاء وتارة مع أولئك، وحينا وسطا بينهما.

٣- الفروق بين المذهبين البصري والكوفي:

بعد الاحتياط المتقدم نحصر الكلام على المذهبين في ناحيتين اثنتين إليهما مرد الأمر كله، وهما: السماع والقياس.

أمر السماع:

تقع البصرة على سيف البادية، وأكثر عربها من قيس وتميم، وقد عرفت شأنهما في الاحتجاج، وتحف بها قبائل عربية سليمة السليقة لم تفسد لغتها بمخالطة الأعاجم، فكانت هذه القبائل ترد سوق البصرة المشهورة "المربد"، وأنت تعلم أن المربد كانت عكاظ الإسلام، ففيها تناشد وتفاخر كما فيها تجارة وبيع٣،


١ انظر مثلا المسألة الثالثة "١/ ١٩" في خلافهم حول الألف والواو والياء في التثنية والجمع: هل هي إعراب كالفتحة والضمة والكسرة أو هي حروف إعراب؟ فتجد الكوفيين قالوا بالأول، والبصريين بالثاني، ووافق قطرب "البصري" مذهب الكوفيين.
وانشق المازني والمبرد والأخفش عن البصريين برأي ثالث.
٢ انظر مثلا مغني اللبيب: مادة "كلا" فقد اختلف في معناها الكسائي والفراء وكلاهما كوفي؛ قال الأول: هي بمعني حقا, وقال الثاني: هي بمعني "ألا" الاستفتاحية.
٣ انظر بسط ذلك في كتابنا "أسواق العرب في الجاهلية والإسلام".

<<  <   >  >>