للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منهم". فأمر عمر ألا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة١. ولعمر تنسب تلك المقولة المأثورة: "تعلموا العربية؛ فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة"٢.

ومر عمر برجلين يرميان فقال أحدهما للآخر: "أسبت" فقال عمر: "سوء اللحن أشد من سوء الرمي"٣ فجعل إبدال الصاد سينا من اللحن.

وتكاد قصة بنت أبي الأسود تكون المعْلم المشهور في تاريخ النحو: فقد دخل عليها أبوها في وقدة الحر بالبصرة فقالت له: "يا أبت, ما أشدُّ الحر! " رفعت "أشد" فظنها تسأله وتستفهم منه: أي زمان الحر أشد؟ فقال لها: "شهرا ناجر".

فقالت: "يا أبت إنما أخبرتك ولم أسألك"٤.


١ نزهة الألباء ص٧, وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ٧/ ١١٠ مطبعة الترقي بدمشق ١٣٥١هـ, وانظر الخصائص لابن جني ٢/ ٨ وعيون الأخبار، وانظر مراتب النحويين ص١٨. هذا وروايات اللحن في هذه الآية لا تتفق على وتيرة، فمنها ما يجعل هذه القصة في زمن زياد، وأن زيادا هو الذي طلب من أبي الأسود وضع شيء يقيم عوج الألسنة اللاحنة, فأبى أبو الأسود, فبعث زياد رجلا يقعد له بطريقه، وأمره أن يقرأ شيئا من القرآن ويتعمد اللحن، فقرأ: ".. أن الله بريء من المشركين ورسولِهِ.." بالجر، فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال: "عز وجه الله، إن الله لا يبرأ من رسوله" ثم رجع من فوره إلى زياد فقال: "يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت". انظر كتاب "الف باء" للبلوي ١/ ٤٦, ولا يبعد الجمع بين الروايات.
٢ إرشاد الأريب ١/ ٧٧ وفي ص"٧٨" أن الزهري كان يقول: "ما أحدث الناس مروءة أحب إلي من تعلم النحو". هذا وقد زعموا أن عمر بن الخطاب كان يضرب أولاده على اللحن ولا يضربهم على الخطأ "ص٧٩" وأن ابنه عبد الله كذلك "ص٨٩".
٣ البخاري في "الأدب المفرد" ص٢٢٧.
٤ وتتمة الخبر في الأغاني للأصفهاني "١١/ ١٠١": أنه دخل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب لما خالطت العجم، وأوشك أن تطاول عليها زمان أن تضمحل" وأخبره خبر ابنته ... فأملى عليه: إن الكلام كله =

<<  <   >  >>