للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونتقدم خطوة في الزمن فيقص علينا ابن قتيبة أن رجلا دخل على زياد فقال له: "إن أبينا هلك وإن أخينا غصبنا على ميراثنا من أبانا" فقال زياد: "ما ضيعت من نفسك أكثر مما ضاع من مالك", وأن أعرابيا سمع مؤذنا يقول: "أشهد أن محمدا رسولُ الله" فقال: "ويحك، يفعل ماذا؟ "١.

وأن أعرابيا دخل السوق "فسمعهم يلحنون فقال: سبحان الله! يلحنون ويربحون, ونحن لا نلحن ولا نربح! "٢.

وروى الجاحظ أن "أول لحن سمع بالبادية: هذه عصاتي "بدل عصاي" وأول لحن سمع بالعراق: حيِّ على الفلاح "بكسر الياء بدل فتحها""٢.

ثم شاع في العصر الأموي حتى تطرق إلى البلغاء من الخلفاء والأمراء كعبد الملك والحجاج, والناس يومئذ تتعاير به، وكان مما يسقط الرجل في المجتمع أن يلحن، حتى قال عبد الملك وقد قيل له: "أسرع إليك الشيب": "شيبني ارتقاء المنابر مخافة اللحن"٣. وكان يقول: "إن الرجل يسألني الحاجة فتستجيب


= لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى, وهذا القول أول كتاب سيبويه. ثم رسم أصول النحو كلها فنقلها النحويون وفرعوها. ا. هـ قلت: هذه إحدى روايات مشهورة في أولية النحو، وبعد صفحة نجد أبا الفرج يروي عن ابن أبي الأسود قوله: "أول باب وضعته في النحو: التعجب".
وفي الحادث الذي حفز أبا الأسود على وضع ما وضع روايات عدة, قد يأتي بعضها في بحث الخلاف، وانظر واحدة يرويها الزبيدي في كتابه طبقات النحويين واللغويين ص١٥ وفي النفس شيء من نسبة الأولية في وضع النحو, وسائر العلوم لعلي بن أبي طالب.
١ عيون الأخبار ٢/ ١٥٩, ومر أبو عمرو بن العلاء بالبصرة فإذا أعدال مطروحة مكتوب عليها: "لأبو فلان" فقال: "يا رب يلحنون, ويرزقون" إنباه الرواة ٢/ ٣١٩.
٢ البيان والتبيين ٢/ ٢١٩.
٣ مخطوطة الظاهرية من تاريخ دمشق لابن عساكر رقم ٢٢ تاريخ ج٥ الورقة ٤٩٠/ ١.

<<  <   >  >>