للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقول ذوي اللحى العظام منهم: "كانت الجن تقرأ على حمزة" وكيف يكون رئيسا وهو لا يعرف الساكن من المتحرك، ولا مواضع الوقف والاستئناف، ولا مواضع القطع والوصل والهمز؟! وإنما يحسن هذا أهل البصرة؛ لأنهم علماء بالعربية، قراء, رؤساء١.

وكان يكفي أن يشوب علم العالم أو تأليف الكتاب أخذ عن الكوفيين حتى ينبز بذلك عند النقاد٢.

والظاهر أنه كان بين أهل البلدين فيما بعد، تنكيت وإرسال قصص وأخبار يحمل فيها أهل البلد على أهل البلد الآخر، وراجت هذه النكات -على نحو ما نرى اليوم بين بلدتين متجاورتين كحمص وحماة في الشام- وزاد هذا الأمر حتى استحق أن تؤلف فيه المؤلفات؛ فهذا ابن حبان البستي "٣٥٤" على جلالة قدره يؤلف كتابا في عشرة أجزاء في "ما أغرب الكوفيون عن البصريين"، وكتابا في ثمانية أجزاء في "ما أغرب البصريون عن الكوفيين"٣.

تستطيع بعد هذا البيان أن تطمئن إلى شيئين:


١ مراتب النحويين ص٢٧.
٢ انظر كلامهم على أبي عبيد القاسم بن سلام, وعلى كتابه المشهور "الغريب المصنف" مراتب النحويين ص٩٣.
٣ معجم البلدان: "مادة بست" ولم أطمئن إلى كون هذين الكتابين في الخلاف النحوي، إذ لم ينقل عن ابن حبان تأليف في النحو ولا تصدر لتدريسه، أما الأخبار فله بها ولوع وله فيها تأليف.

<<  <   >  >>