الخليل بن أحمد السجزي القاضي المتوفى سنة "٣٧٨هـ" فقد كان حنفيا في الفقه وكوفيا في النحو، وفاخر بذلك يقول:
سأجعل لي النعمان في الفقه قدوة ... وسفيان في نقل الأحاديث سيدا
وأجعل في النحو الكسائي قدوة ... ومن بعده الفراء ما عشت سرمدا
وإن عدت للحج المبارك مرة ... جعلت لنفسي كوفة الخير مشهدا١
ومن كان حنفيا, فأشبه مذاهب النحو بالمذهب الحنفي مذهب البصرة لإحكام القياس فيه، ولكنه الميل النفسي الشديد إلى الكوفة، والولوع بكل ما أنتجت حَدَوَا القاضي على أن يكون كوفيا في النحو والفقه والحديث مهما تنافرت أصول هذه الفنون في الكوفة.
وقد كان لهذه العصبية شيء من "رد الفعل" عند العلماء جعلهم يشكون في كل ما ينقل من علم كوفي: هذا أبو حاتم السجستاني يسمع تغالي الكوفيين في حمزة الزيات -أحد قراء الكوفة- فيسأل عنه أبا زيد والأصمعي ويعقوب الحضرمي وغيرهم من العلماء، فيجمعون على أنه لم يكن شيئا "ولم يكن يعرف كلام العرب ولا النحو ولا كان يدعى ذلك" قال أبو حاتم: "وإنما أهل الكوفة يكابرون فيه ويباهتون، فقد صيّره الجهال من الناس شيئا عظيما بالمكابرة والبهت،
١ تهذيب تاريخ ابن عساكر "مطبعة روضة الشام" ٥/ ١٧٣.