للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حد ما، وأخذنا ننشر التعليم جادين، كما أخذنا نسترد حريتنا.

ولم تلبث الأحزاب أن نشأت وتصارعت، وأسَّس كل حزب منها لنفسه صحيفة ينشر فيها آراءه، ويختصم مع غيره من الأحزاب في أسس الحكم وما يرجو للأمة من خير. ومن المحقق أننا تعثرنا طويلًا في حياتنا السياسية في أثناء هذه الدورة الجديدة؛ فإن الأحزاب ولَّت في كثير من الأحوال وجهها من خدمة الأمة إلى خدمة مصالحها في كراسي الحكم، ولكن من المحقق أننا كنا في أثناء ذلك ننهض عقليًّا وروحيًّا؛ إذ كان ضميرنا الوطني أو ضمير شبابنا يزداد يقظة وتنبها بفضل ما كان يكتبه الأدباء والمفكرون في مختلف شئوننا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

بل لقد دأبت صحف هذه الأحزاب وما عاصرها من مجلات أدبية؛ كالهلال والمقتطف والسياسة الأسبوعية والبلاغ الأسبوعي على أن تنقل إلى القراء مباحث واسعة في الأدب والفكر الغربيين. وكان ذلك سببًا في اتساع نطاق الأدب؛ إذ لم تلبث الخصومات التي اشتدت بين الأحزاب في السياسة أن انتقلت إلى الكُتاب فإذا هم يتخاصمون خصومات عنيفة في الأدب وفي المثل العليا التي ينبغي أن تستقر بين المصريين في حياتهم العقلية والأدبية.

وتعنف هذه الخصومات، ويحمل لواءها نفر جديد من الكتاب، وهو ليس جديدًا خالصًا، فقد لمعت بعض أسمائه قبل الحرب مثل: العقاد والمازني وهيكل وطه حسين، بما قدم الأولان من تجديد واسع في الشعر ونقده وما حاوله هيكل في القصة وطه حسين في السيرة التاريخية. وكان العقاد والمازني يحملان في تجديدهما سلاحًا ذا حدين، فهما يهدمان نموذج الشعر عند جماعة النهضة من مثل: شوقي وحافظ، ويقيمان نموذجًا جديدًا.

ولما دار الزمان بهما وظفرت مصر بحريتها بعد الحرب رأيناهما يؤلفان كتاب "الديوان"، وفيه نقد العقاد شوقي نقدًا عنيفًا، أما المازني فنقد شكري، ثم نقد المنفلوطي وأسلوبه نقدًا ثائرًا وهو الذي يهمنا الآن، فقد لاحظ عليه ضعف الثقافة، وأن أسلوبه لفظي خالص لا يحوي معنى ولا فكرة ذات بال، وبالغ

<<  <   >  >>