فقال: إن أسلوبه ناعم، وإنه فارغ لا يحوي سوى الدموع والعَبَرات مما يستهوي المراهقين.
وهو نقد يعود إلى تغير المثل الأعلى في الكتابة، فإن الكاتب الجديد لم يعد يرضيه الأسلوب الجزل الرصين فحسب؛ بل هو يطلب الفكر الواسع الذي يوطد ويمهد للتعبير الدقيق عن الخوالج النفسية ودرجات الإدراك الفكري، ولو أن المازني لم يوضح ذلك تمامًا.
وقد أخذ المازني يُثبِّت هذا الاتجاه في النثر، فتارة يترجم نماذج أوربية، وتارة يصوغ نماذج عربية جديدة في القصة وغير القصة. وللعقاد جولات واسعة في هذا الصدد مع مصطفى صادق الرافعي، وكان لا يعجب بالعقاد ولا بشعره ونثره، وكان محافظًا محافظة شديدة، ووضعته الظروف ليحمل راية القديم في تلك الفترة الثائرة من حياتنا الأدبية.
وحدث أن كتب في سنة ١٩٢٣ رسالة عتاب على النمط المسجوع القديم، وأرسلها إلى صحيفة "السياسة" التي يرأس تحريرها هيكل، ويكتب فيها طه حسين بعد أن عاد من بعثته مستمدًّا في كتابته من مقاييس النقد الغربي، ومتأثرًا بمثُل القوم الأدبية.
فأحدثت هذه الرسالة ضجة؛ لأن صاحبها قذف بها في معسكر ثائر من معسكرات التجديد، ولم يلبث طه حسين أن أعلن رأيه فيها، وأنها لا تلائم الذوق الأدبي الحديث. ونشبت بينه وبين الرافعي معركة حادة، فالرافعي يذود عن حصنه القديم وطه حسين يرميه بسهام الذوق الحديث الذي تغير تغيرًا تامًّا، والذي أصبح يؤمن أصحابه بأنه ينبغي أن نعبر تعبيرًا حرًّا طبيعيًّا عن حياتنا، ولا بأس من أن نستعير من الغربيين بعض معانيهم وأساليبهم ما دام ذلك لا يفسد جمال اللغة العربية وروعتها.
ويكتب طه حسين مقالات في الصحيفة نفسها عن أبي نواس ومجونه ويسمى عصره عصر المجون والزندقة، ويثور كثيرون إذ يرون في ذلك تشويهًا للقرن الثاني الهجري الذي عاش فيه أبو نواس. وتحدث خصومة عنيفة بينهم وبين