في العيد" يقول: "ليس العيد إلا إشعار هذه الأمة بأن فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأن الأيام تتغير ... ألا ليت المنابر الإسلامية لا يخطب عليها إلا رجال فيهم أرواح المدافع لا رجال في أيديهم سيوف من خشب".
وتشغله في كثير من مقالاته قضية المرأة، ونراه يقدم لها النضج دائمًا بروح المسلم المحافظ على تقاليده الدينية. واسترعته حياتها الجديدة على شوطئ الإسكندرية صيفًا، فوصف هذه الحياة في مقالين بعنوان "لحوم البحر" و"احذري" أدارهما على أنشودتين لشيطان وملاك، لاعنا للرذيلة وداعيا إلى الفضيلة، ومحذرًا المرأة من أن تُخدع عن نفسها وتتعرى من ثيابها أمام الصقور الجائعة، فتجلب على نفسها العار الذي يزلزل كيان أسرتها زلزالًا عنيفًا.
ويفسح في مقالاته لآلام البؤساء والمشرَّدين وأسقامهم، ويئن بصوت الإنسانية الرحيم، حتى لكأنه المشرد أو البائس الذي يصفه، وتتدفق عليه أنات البشرية وعبراتها من كل صوب. ومن خير ما يصور ذلك عنده مقالته "أحلام في الشارع" وفيها يصور بؤس طفل مشرد وأخته رآهما نائمين على عتبة "بنك" يفترشان الرخام البارد ويلتحفان السماء، فأَنَّ وأعول في أنينه. وبهذا الشعور الرقيق نراه يصف جمال الطبيعة في غير مقال، فيكسبها من روحه جمالًا فوق جمالها، ويزيدها بصناعته حسنًا فوق حسنها، يقول في مقالة بعنوان الربيع:
"في الربيع تظهر ألوان الأرض على الأرض، وتظهر ألوان النفس على النفس، ويصنع الماء صنيعه في الطبيعة، فتخرج تهاويل النبات، ويصنع الدم صنيعه، فيخرج تهاويل الأحلام. ويكون الهواء كأنه من شفاه متحابة، يتنفس بعضها على بعض. ويعود كل شيء يلتمع لأن الحياة كلها ينبض فيها عرق النور. ويرجع كل حي يغنِّي؛ لأن الحب يريد أن يرفع صوته".
ونراه في بعض مقالاته يصور مُثله الخاصة في الشعر. وأكبر الظن أنه قد اتضحت لنا شخصية الرافعي في مقالاته وأدبه بكل خصائصها الروحية والعقلية واللغوية، فقد كان يؤمن بِمُثُل الإسلام والعروبة والوطنية، وكان يحس كل