للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها الواجب، والحقائق التي بيننا وبين هذا الاستعمار إنما تكون فيكم، أنتم بحثها التحليلي، تكذب أو تصدق.

يا شباب العرب! لم يكن العسير يعسر على أسلافكم الأولين، كأن في يدهم مفاتيح من العناصر يفتحون بها. أتريدون معرفة السر؟ السر أنهم ارتفعوا فوق ضعف المخلوق، فصاروا عملًا من أعمال الخالق. غلبوا على الدنيا لما غلبوا في أنفسهم معنى الفقر ومعنى الخوف والمعنى الأرضي، وعلمهم الدين كيف يعيشون باللذات السماوية التي وضعت في كل قلب عظمته وكبرياءه، واخترعهم الإيمان اختراعًا نفسيًّا، علامته المسجلة على كل منهم هذه الكلمة: لا يذل. هكذا اخترع الدين إنسانه الكبير النفس الذي لا يقال فيه: انهزمت نفسه.

يا شباب العرب! كانت حكمة العرب التي يعملون عليها: "اطلب الموت تُوهَبْ لك الحياة". والنفس إذا لم تخشَ الموت كانت غريزة الكفاح أول غرائزها تعمل. وللكفاح غريزة تجعل الحياة كلها نصرًا؛ إذ لا تكون الفكرة معها إلا فكرة مقاتلة. غريزة الكفاح يا شباب هي التي جعلت الأسد لا يسمَّن كما تسمن الشاة للذبح. وإذا انكسرت يومًا فالحجر الصلد إذا تَرَضْرَضَتْ منه قطعة كانت دليلًا يكشف للعين أن جميعه حجر صلد.

يا شباب العرب! إن كلمة "حقي" لا تحيا في السياسة إلا إذا وضع قائلها حياته فيها. فالقوة القوة يا شباب! القوة الفاضلة المتسامية التي تضع للأنصار في كلمة "نعم" معنى نعم، القوة الصارمة النفاذة التي تضع للأعداء في كلمة "لا" معنى لا.

يا شباب العرب! اجعلوا رسالتكم: إما أن يحيا الشرق عزيزًا وإما أن تموتوا".

ودائمًا ينفخ في روح الشباب المصري، موقظًا فيه حميته لوطنه، حتى ينقض كالأسد الكاسر على الإنجليز ويذيقهم وبال استعمارهم، إن كل مصري ينبغي أن يتحول شعلة آدمية تأتي عليهم كأن لم يكونوا شيئًا مذكورًا. إنه لم يبقَ لهم إلا لحظات وأنفاسها، فقد اتقدت الشعل، وسيرون عما قريب مسها وتحريقها، ويومها يولون على أعقابهم نادبين مولولين. واقرأ له في ذلك مقالاته: "أجنحة المدافع المصرية" و"الطماطم السياسي" و"المعنى السياسي

<<  <   >  >>