للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محنة فلسطين في الأفق وقف يستصرخ المسلمين للذود عن هذا الوطن المقدس وأهله من العرب أمام اليهود الجشعين، داعيًا إلى جهادهم وجهاد المستعمرين من ورائهم بأسلوب ناري متأجج، وقد جعل عنوان هذا الاستصراخ "أيها المسلمون" وفيه يقول:

"ابتلوهم باليهود يحملون في دمائهم حقيقتين ثابتتين من ذل الماضي وتشريد الحاضر. ويحملون في قلوبهم نقمتين طاغيتين: إحداهما من ذهبهم والأخرى من رذائلهم. ويخبئون في أدمغتهم فكرتين خبيثتين: أن يكون العرب أقلية، ثم أن يكونوا بعد ذلك خدم اليهود. في أنفسهم الحقد وفي خيالهم الجنون، وفي عقولهم المكر، وفي أيديهم الذهب الذي أصبح لئيمًا لأنه في أيديهم ... يقول اليهود: إنهم شعب مضطهد في جميع بلاد العالم، ويزعمون أن من حقهم أن يعيشوا أحرارًا في فلسطين، كأنها ليست من جميع بلاد العالم!

وقد صنعوا للإنجليز أسطولًا عظيمًا لا يسبح في البحار ولكن في الخزائن. وأراد الإنجليز أن يطمئنوا في فلسطين إلى شعب لم يتعود قط أن يقول: أنا. ولكن لماذا كنستكم كل أمة من أرضها بمنكسة أيها اليهود، أجهلتم الإسلام؟ الإسلام قوة كتلك التي توجد الأنياب والمخالب في كل أسد. قوة تخرج سلاحها بنفسها؛ لأن مخلوقها عزيز لم يوجد ليؤكل، ولم يخلق ليذل. قوة تجعل الصوت نفسه حين يزمجر، كأنه يعلن الأسدية العزيزة إلى الجهات الأربع. قوة وراءها قلب مشتعل كالبركان، تتحول فيه كل قطرة دم إلى شرارة دم. ولئن كانت الحوافر تهيئ مخلوقاتها ليركبها الراكب، إن المخالب والأنياب تهيئ مخلوفاتها لمعنى آخر. لو سئلت: ما الإسلام في معناه الاجتماعي؟ لسألت: كم عدد المسلمين؟ فإن قيل: ثلثمائة مليون، قلت: فالإسلام هو الفكرة التي يجب أن يكون لها ثلاثمائة مليون قوة. أيها المسلمون! كونوا هناك، كونوا هناك مع إخوانكم بمعنى من المعاني".

ويصرخ بنفس الصوت في شباب العرب ناعيًا عليهم قعودهم عن كفاح المستعمرين وجهادهم وانحصارهم في طعامهم وشرابهم ولذاتهم، يستثير بذلك عزائمهم، حتى يضربوا عدوهم الضربة القاضية، وفي تضاعيف ذلك يقول: "ألا إن المعركة بيننا وبين الاستعمار معركة نفسية، إن لم يقتل فيها الهزل قُتل

<<  <   >  >>