لا يطلب إلى الحياة ووسائل الحياة، كما أنه لا أحد أقل كرمًا من ذلك الذي يضن على الموجود الحي بأن يستوفي قسطه من الحياة، إن الحرية هي المقوِّم الأول للحياة، ولا حياة إلا بالحرية".
وفي مقال بعنوان "مصريتنا":
"إن الانتساب إلى مصر لا يمكن أن يكون عارًا؛ فإن مصر بلد طيب، قد ولد التمدن مرتين، وله من الثروة الطبيعية والشرف القديم ما يكفل له الرقي، متى كرم أهلوه، وكرمت عليهم نفوسهم، وكبرت أطماعهم، فاستردوا شرفه، وسموا به إلى مجد آبائهم الأولين".
وبمثل هذا الأسلوب الجزل الرصين كان لطفي يعلم أمته بمقالاته، وهي ليست مقالات فارغة؛ وإنما هي مقالات مليئة بالثقافة الواسعة وبالفكر العميق. ووسَّع دائرة هذه المقالات وجعلها تشمل كل ما يتصل بتربية الأمة من وجهات أخلاقية واجتماعية؛ إذ عُنِيَ بكل جوانب الحياة المصرية عناية فاحصة دقيقة، تقوم على الدرس وتبين الخصائص والصفات حتى نعرف ما ينقصنا بالقياس إلى مُثلنا العليا معرفة واضحة.
ومن أهم ما يمتاز به في كتابته المنطق والوضوح وحشد الأدلة والأقيسة والانتقال من العام إلى الخاص والخاص إلى العام، يُلهمه في ذلك ذكاؤه واتساع قراءاته في الفكر الغربي. وهو يعبر عن ذلك كما في هذه الفقرات بسهولة، ويصل دائمًا قاصدًا إلى غايته مما يريد التعبير عنه، فأنت لا تجد عنده أي تعبير شائك أو معقد في أي جانب من جوانب مقالاته؛ إنما تجد التعبير السريع الواضح الذي يصور لك ما بنفس الكاتب من جميع أطرافه.
وهذا التعبير المباشر الذي يقصد إلى غايته بدون أي تعقيد هو أهم خصائص لطفي، وهو تعبير يصور القمة التي استطاع مفكرونا أن يصلوا إليها منذ أوائل هذا القرن، مسلحين بالثقافة الغربية؛ بل إن لطفي يصل من ذلك إلى أبعد الغايات بفضل عقله الذي خُلق ليكون عقل معلِّم. وأكبر الظن أننا لا نبالغ إذا قلنا: إنه خُلق ليكون عقل "فيلسوف" يبحث في خصائص الأشياء وصفاتها، ويردها