للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- إبراهيم الكاتب:

تدور هذه القصة حول مشكلة عامة؛ هي إمكان أن يحب الرجل أكثر من امرأة، وهي مشكلة تتحول إلى أزمات متعاقبة في حياة إبراهيم الكاتب ومَن يبادلهن حبه، فقد كانت له زوجة لبَّت داعي ربها، وتركت له ولدًا. ويحدث

أن يصيبه المرض، ويدخل مستشفى، فيشغف حبًّا بماري ممرضته. ويترك المستشفى إلى الريف، فيلتقي ببنت خالته "شوشو" الفتاة الجميلة التي كان يبادلها في القديم علاقات تطورت إلى حب، وهو يعود إليها الآن ويعود إليه حبه القديم، ويتمنى لو تزوجها وسكن إليها؛ ولكن عائقًا من التقاليد يقف في طريقهما، فإن لها أختًا تكبرها، فإذا كان يريد الزواج فعليه بالكبرى، وليترك الصغرى، فالدور ليس دورها، ولو "دفع لأهلها وزنها ذهبًا". ويحز الألم في نفس إبراهيم ضحية التقاليد الجامدة، ويسافر إلى الأقصر، فيلتقي بفتاة متحررة من الطراز الحديث تسمى "ليلى" على نصيب من الجمال، فيقع في حبها، وتبادله حبًّا بحب، ويمرض إبراهيم. ثم يعود إلى القاهرة، وقد عرفنا أن ليلى تزوجت، أما هو فيتزوج بسميرة التي اختارتها له أمه.

وهذا الهيكل العام للقصة يساق في تحليل واسع للمواقف العاطفية وللأشخاص ونفسياتهم وانفعالاتهم وعلاقاتهم الجنسية تحليلًا بسيكولوجيا صريحًا. وأشار إلى ذلك في تقديمه للقصة؛ إذ يقول: إنها "فوق استيفائها كل ما يجعل الأدب ساميًا تكاد أن تكون بحثًا بسيكولوجيا يعرض بالتحليل لمشكلة الحب الأبدية".

وهو يبدؤها بوصف شوشو وصفًا يبرز ملامحها الجسمية والنفسية، يقول:

"شوشو فتاة يقول لك جسمها: إنها ناهزت التاسعة عشرة، ويشهد حديثها وحركاتها أنها لم تجاوز السابعة عشرة، وهي ذات قامة معتدلة وجسم غض ووجه صبيح متألق، ترتاح العين إلى النظر إلى معارفه جملة، وتُشْغَل بوقعها مجتمعة عن التعلق بواحد منها على الخصوص. وقد قضت الشطر الأول من عمرها في عزلة، قلما أتيح لها فيها أن تخالط الرجال إلا أن يكونوا من ذوي قرابتها الأدنين، فلم تألف أذنها عبارات الإعجاب بحسنها، وبقيت نفسها مرسلة على سجيتها، وخلا كل ما فيها ولها من ذلك التعمل الذي يدرب الفتاة عليه تنبه الشعور بنفسها وتوقعها من الجليس أن تأخذها عينه من فرعها إلى قدمها وأن تحس محاسنها وتنقدها. وقد انفردت عيناها بمزية؛ هي أن من يراهما لا يحتاج أن يعدوهما أو ينقل لحظه إلى سواهما، ففيهما يجتلى نفسها وروحها

<<  <   >  >>