للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظن أنه انصرف عن الأدب اليوناني؛ لأنه لم يجد قبولًا له عند المصريين حينئذ. وكان المسرح المصري متأخرًا، فرأى أن يُطْلع القراء على بعض المسرحيات الفرنسية؛ حتى يفهموا هذا المسرح الغربي الحديث، فنشر في سنة ١٩٢٤ كتابه "قصص تمثيلية" لطائفة من أشهر الكتاب الفرنسيين، كما نقل بعد ذلك مسرحية "أندروماك" لراسين و"زاديج" لفولتير.

وحاول في المقالات التي نشرها في الشعر العربي أن يفهم طبيعة العصر العباسي الأول -عصر أبي نواس- فهمًا جديدًا غير متأثر فيه بآراء من سبقوه، ودعاه عصر الشك والزندقة والمجون. وثار عليه كثيرون في مقدمتهم أديب سوريا رفيق العظم؛ لأنهم عدوه مشوهًا لتاريخ العرب في حقبة باهرة من حقب حياتهم. ورد طه حسين بأن العلم ينكر مذهب تقديس السلف، وبأن النقد العلمي ينبغي ألا يعرف الهوى، وألا يتأثر بالميول والعواطف، واستشهد بعصور في تاريخ اليونان القديم وتاريخ فرنسا الحديث كانت من أزهى العصور، وكانت من أكثرها لهوًا ومجونًا، وانتهى إلى أن القرن الثاني الهجري كان قرن لهو ولعب وشك ومجون.

وتحولت الجامعة الأهلية في سنة ١٩٢٤ إلى جامعة حكومية، وأصبح أستاذًا لآداب اللغة العربية في الجامعة الجديدة بكلية الآداب. ونراه بعد أن ترجم في سنة ١٩٢٢ كتابًا في علم النفس التربوي من تأليف لوبون بعنوان "روح التربية" ينشر في سنة ١٩٢٥ كتاب "قادة الفكر"، وفيه يصور مراحل التطور الفكري والثقافي في الغرب، وقد جعلها أربعة مراحل: مرحلة شعرية يصورها هوميروس، ثم مرحلة فلسفية يمثلها سقراط وأفلاطون وأرسططاليس، ثم مرحلة سياسية يمثلها الإسكندر الأكبر، وأخيرًا مرحلة دينية تمثلها المسيحية والإسلام.

وفي سنة ١٩٢٦ نشر كتابه "في الشعر الجاهلي"، وبنى دراسته فيه على منهج ديكارت الذي يدعو إلى الشك في كل شيء حتى نصل إلى اليقين على أسس وطيدة، وبهذا المنهج اعتبر الأحكام التاريخية القديمة إضافية يمكن أن يعاد النظر فيها، فإذا قال القدماء رأيًا في

<<  <   >  >>