في صحيحه الأثر السابق ذكر رواية أخرى (١) أن هذه صفة عُبّاد النصارى، وقيل أصحاب الصوامع، وقيل بعض الرهبان، وهذا يدل على أن الأمر فيه خلاف بينهم لعل الأمر فيه خلاف بين طوائفهم المسألة تحتاج إلى بحث، لأن النصارى يؤمنون بالجنة، ولكن لعل الإشكال أن إيمانهم بالجنة ليس كإيمان المؤمنين، وليس كما جاء في شريعتنا خاتمة الشرائع، فكونهم يؤمنون بالجنة (وهي من الغيب الذي لم نشاهده بأعيننا) على مرادهم لا كما أراد الله فهذا يعني أنهم لا يؤمنون بالجنة لأن الإيمان كل لا يتجزأ، لا يأخذ شيئًا ويترك آخر أمر الله به، والاختيار والتفريق من صلب عقيدتهم للأسف كما جاء في قوله تعالى في سورة النساء الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠)}
وهذه الآيات في اليهود والنصارى ورد عليهم جلا جلاله في الآية التي تليها مباشرة {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)}
(١) من طريق ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة عن مصعب. (فتح الباري ٨/ ٥٤٠).