للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يك سائلًا عني فإني ... بأرض لا يواتيها القرار

بباب الترك ذي الأبواب دار ... لها في كل ناحية مغار

نذود جموعهم عما حوينا ... ونقتلهم إذا باح السرار١

وفي فتوح هذه المناطق البعيدة وجد شعر يحن فيه المجاهدون إلى وطنهم، ويتشوقون إلى أهليهم، ويذمون اغترابهم ووحشة هذه المناطق، يقول أحد المجاهدين في الحنين إلى نجد:

أكرر طرفي نحو نجد وإنني ... برغمي وإن لم يدرك الطرف أنظر

حنينًا إلى أرض كأن ترابها ... إذا أمطرت عود ومسك وعنبر

بلاد كأن الأقحوان بروضة ... ونور الأقاحي وشيء برد مخبر

أحن إلى أرض الحجاز وحاجتي ... خيام بنجد دونها الطرف يقصر

وما نظري من نحو نجد بنافع ... أجل -لا- ولكني إلى ذاك أنظر

أفي كل يوم نظرة ثم عبرة ... لعينك مجرى مائها يتحدر

متى يستريح القلب إما مجاوز ... بحرب وإما نازح يتذكر٢

ويغلب على شعر الحنين هذا في مجموعه حزن رفيق ولوعة رقيقة.

وفي الوقت الذي كان جند الكوفة والبصرة يفتحون فيه هذه المناطق كان سعد بن أبي وقاص بعد فراغه من المدائن يقضي على الفتن التي أثارها يزدجرد بإمداده للفرس من حلوان، واستطاع هاشم والقعقاع إحباط هذه الفتن، والقضاء على تجمعات الفرس في جلولاء، ففر جند الفرس عن المدينة، ويصور أحد الرجاز الذين شهدوا جلولاء ضراوة القتال فيها فيقول:

يارب مهر حسن مطهم ... يحمل أثقال الغلام المسلم

ينجو إلى الرحمن من جهنم ... يوم جلولاء ويوم رستم


١ ياقوت ج١، ص٤٣٧.
٢ ياقوت ج٤، ص٧٤٧.

<<  <   >  >>