للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- شعراء قدماء:

خفت صوت الشعر، ولكنه لم يصمت تمامًا، فقد كان هناك شعراء استجابوا لدعوة الإسلام سراعًا، واستبدلوا بمفاهيم الشعر الجاهلية مفاهيم إسلامية جديدة، واستطاعوا أن يتقيدوا بمهمة الشعر التي حددتها المثل الإسلامية، وأن يكتسبوا لأنفسهم أسلوبًا أفادوه من التأثر بالقرآن الكريم، كما فعل أولئك الذين جندوا للتصدي لشعراء قريش. بينما ظلت طائفة منهم لم تسعفهم سلائقهم الشعرية بما طبعت عليه من الإلف للتقاليد الجاهلية المتأصلة بعيدة عن التأثر بهذه المثل، ومن ثم لم يتمكنوا من أن يستبدلوا بها غيرها فكان أن سكتوا عن قول الشعر، حتى كادت ينابيعه أن تغيض في وجدانهم.

وكان هناك بطبيعة الحال طائفة أخرى، اختلط فيها الماضي بالحاضر، فمزجت بين ما كانت فيه وما أقبلت عليه. وقد وجد هذان النوعان في الفتوح الإسلامية منطلقًا لهم ومتنفسًا، فشارك عدد كبير منهم فيها، واحتفظت لنا الروايات بأخبارهم وأشعارهم، دون أن تؤثر في ذلك ظروف الفتح التي طمست صورة الشعراء المغمورين، الذين لم يكن لهم شهرة بالشعر من قبل.

أما هؤلاء الذين نضجوا وذاع صيتهم وشهرتهم قبل الفتوح فلا نجدهم قد تأثروا بذلك إلا قليلًا، فشعرهم وإن كان أبياتًا مفردة أو مقطعات مبتسرة يتلقفه الرواة

<<  <   >  >>