للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث: الشعر في فتوح الشام ومصر وإفريقية

١- قلة الشعر على ألسنة الفاتحين:

في اعتقادنا أن وقفة كتلك التي وقفناها من تصنيف الجيوش والإمدادات في فتح العراق وفارس ضرورية هنا للكشف عن الأسباب الفاعلة التي أدت إلى قلة الشعر على ألسنة الفاتحين في الشام وفي مصر، وهي كفيلة في نفس الوقت بالكشف عن طبيعة الاختلاف بين شعر الفتوح في الميادين المختلفة، وقيمة الإنتاج الشعري لهذه المناطق فيما بعد عصر الفتوح.

ونحن لا نجد هنا تلك الروايات الواضحة التي وجدنا في العراق، في تصنيف الجيوش والأمداد التي فتحته وانطلقت منه إلى فارس وخراسان، وفي الكيفية التي تشكلت بها هذه القوات. وحقًّا نحن نجد أنفسنا أمام فيض متدفق من الروايات والقيادات والأسماء، مثل: أبي عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وشرحبيل، ويزيد بن أبي سفيان ومعاوية، والوليد بن عقبة، وخالد بن سعيد، وعكرمة، وذي الكلاع وغيرهم، ولكننا نجد أيضًا أن خلطًا بينًا قد حدث في التأريخ لهذه الجيوش والأمداد وزمان انطلاقها، والكيفية التي تم تشكيلها عليها، وقد تغاضى عنها المؤرخون لسبب أو لآخر.

وربما كان سبب الخلط الذي حدث في هذه الجيوش وقادتها راجعًا إلى كثرتها، وإلى الطريقة التي سار عليها الاستنفار والتجنيد، واختلافها في موقف عن الآخر، ويرجع إهمال الفواصل الزمنية بينها إلى اختلاف القيادات، وتعيين بلدان الفتح قبل مسير القوات إلى الشام، ودوران المعارك كلها في الشمال والجنوب في وقت واحد، إلى جانب تعاون الميادين المختلفة في تعاور الجيوش واستبدالها، وفتح بعض المناطق أكثر من مرة.

ولم يكن التغاضي عن تصنيف الجيوش في روايات المؤرخين راجعًا إلى ذوبان العصبيات القبلية ذوبانًا نهائيًّا ألغيت معه العصبيات، وإنما يرجع ذلك إلى أن الفاتحين في

<<  <   >  >>