للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قائدهم من بين يديه، فإذا بظل القائد "القعقاع" يخرج من بين الصفوف فيحمل عليهم حملة عنيفة مفاجئة، ويهزمهم هزيمة نكراء١.

واشترك القعقاع مع خالد في فتح الحيرة، ولما فصل خالد إلى الأنبار في طريقه إلى دومة الجندل لم يجد بين أمرائه أحدًا خيرًا من القعقاع، فخلفه على الحيرة ولم يكد خالد يرتحل حتى ثار العراق، وكذلك فعل أهل الحيرة ظانين أن الحظ واتاهم، وسرعان ما راح القعقاع يدافع بني تغلب -الموتورين لمقتل عقة- وبعث بالأنباء إلى خالد، فطار من دومة إلى الحيرة؛ حيث خلف عليها عياضًا، وأطلق القعقاع إلى الحصيد، وقد أمده من روحه بقوة على قوته، ولم يثبت له العجم، فقتل قائدهم، وفر جيشهم، وفر الفالة إلى الخنافس، فتابعهم، ففروا. وفي المصيخ تواعد خالد والقعقاع وأبو ليلى بن فدكي؛ حيث ملئوا الفضاء بجثث القتلى.

وعندما أمر أبو بكر خالدًا بالتوجه إلى الشام ضن خالد بالقعقاع، فرفض أن يتركه للمثنى٢. وفي الشام أبلى القعقاع في كل المعارك التي شهدها بلاء حسنًا، وكان على كردوس من كراديس القلب، يفعل أفاعيله بالروم حتى انتصر المسلمون٣. وشهد مع خالد فتح دمشق، وتربص معه عند أسوارها، وقد اتخذ حبالًا كهيئة السلالم، وعبرا مع نفر من شجعان المسلمين الخندق عائمين على القرب، وأثبتا حبالهما في السور وتسلقا، ثم انحدرا، والمسلمون من خلفهما يتبعونهما، حتى فتحوا باب دمشق وتدفق إليها المسلمون، ثم شهد وقعة فحل حتى فتحت، وكان له فيها بلاء مذكور.

وبعد الفتح سيره أبو عبيدة على مقدمة هاشم إلى العراق. وبينما كان المسلمون والفرس مشغولين -بدفن قتلاهم صباح يوم أغواث- كان القعقاع يسرع السير في ألف من جند هاشم على مقربة من القادسية، وأعمل حيلته ليشد مقدمه عزائم المحاربين في هذه الموقعة الخطيرة فقسم رجاله الألف إلى عشر فرق، وعهد إليهم ألا تسير فرقة حتى تكون الفرقة التي سبقتها على مدى البصر، وسار على رأس الفرقة الأولى، وبلغ سعدًا


١ البلاذري ٢٤٢.
٢ الطبري ج٤، ص٢٠٩٣.
٣ الإصابة ج٥، ص٢٤٤.

<<  <   >  >>