للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وآل منا الفارس الحذرة ... حين لقيناه دوين المنظرة

بكل قباء لحوق مضمرة ... بمثلها يهزم جمع الكفرة١

وهذا طليحة بن خويلد، يضرب الجالينوس فيقد مغفره، فيقول:

أنا ضربت الجالينوس ضربه ... حين جهاد الخيل وسط الكبه٢

وهذه امرأة رجل يُدعى حنبص بن الأحوص، ترى فعال زوجها، فتتمنى أن يكون قومها جميعًا مثله فتقول:

يا ليت قومي كلهم حنابصة٣

وهذا رجل في جيش البراء بن عازب، في غزاة قزوين، يمجد بطولة قائده وكتيبته، وما لاقت من صنوف العنت والمشاق فيقول:

قد تعلم الديلم إذ تحارب ... لما أتى في جيشه ابن عازب

بأن ظن المشركين كاذب ... فكم قطعنا في دجى الغياهب

من جبل وعر ومن سباسب٤

هكذا ينطبع رجز الجهاد بنفس الطابع الذي رأيناه لشعر الجهاد، فيختلف عن الرجز الجاهلي، الذي كان يقوم على إثارة النعرات والتحميس للثأر والانتقام، فإذا هو أداة لتعبئة الروح المعنوية للمجاهدين في سبيل الله تعبئة روحية. فهذا الفارس تبلغ روحه الحلقوم في سبيل الله. وهذا يفخر بكتيبته التي يهزم بمثلها جمع الكفرة. وآخر يعلن أن ظن المشركين كاذب؛ إذ جاءهم المسلمون كأقدارهم.

والموضوع الثاني من الموضوعات القديمة في شعر الفتح هو الرثاء، وهو غرض مستقل من أغراض شعر الفتح مقصود لذاته، وهو كشعر الجهاد تمجيد لبطولة الذين


١ البلاذري ٢٥٠.
٢ البلاذري ٢٦٠.
٣ الإصابة ج٢، ص٩٥.
٤ البلاذري ٣٢٢.

<<  <   >  >>