للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- العناية باستقراء الشواهد والأمثلة:

وهو في هذه العناية يراعي التناسب بين أجزاء التقرير، كصفة مستمَدَّة من أسلوبه الاستقرائي، الأمر الذي يجعله يقلل ما أمكنه ذلك من الآراء التي قد توحي للقارئ بالتحيز الحزبي، ولذلك كثيرًا ما يتوسَّل بالأحاديث يجريها مع المسئولين ليمثِّلَ بها على صحة استقرائه، ومن ذلك في "كنوز الأقصر"١، اعتماده في التعريف بقيمة هذه المستكشفات على إجراء حديث مع "الأستاذ المسيو" لاكو" فأجاب بأنها أساسية في تاريخ مصر القديمة, أساسية في الحياة الفنية لمصر القديمة"٢ ... إلخ.

ثم إن الاستقراء الصحفي في تقرير طه حسين ترفده ثقافة عميقة، مستمَدَّة من علم النفس والأخلاق والاجتماع، حيث "راض نفسه على كثير من العناء في قراءة هذه الدراسات حتى استقامت له"٣, وهي الثقافة التي تثري التقرير، وتوضح غرضه الذي كُتِبَ من أجله أولًا، وتحتفظ بالقراء الذين يحرصون على قراءته.

هـ- الاهتمام بخاتمة التقرير:

ويرتبط هذا الاهتمام بالرؤية الفنية في مقال طه حسين، والتي تشمل الخطة التي يرسمها، وتصورها جملة، ولذلك تتسم خاتمة التقرير بتلخيص الحقائق الأساسية لموضوعه، وخلاصة استقراء هذه الحقائق التي قد تُسْفِرُ عن حلول للمشكلة الأساسية في التقرير. كما نجد في تصوره لعلاج مشكلة كنوز الأقصر٤، وفي تقاريره الأخرى، "من بعيد"٥، تأتي نتيجة الاستقراء التقريري نتيجة منطقية لمقدمات واقعية تقوم على الوقائع والشواهد والحقائق بعد ذلك.

ونخلص مما تَقَدَّمَ إلى أن التقرير الصحفي عند طه حسين يتوسَّلُ بأسلوب استقرائي تصويري، في خلق إحساس واقعي ينقله بأمانة وموضوعية موظِّفًا "الصور العقلية" إلى جانب "الصور الحسية" في "قدرة فائقة على


١، ٢ السياسة في ١٤ ديسمبر ١٩٢٢.
٣ خصام ونقد ص١٠٣.
٤ السياسة في ١٨ ديسمبر ١٩٢٢.
٥ الجمهورية في ٨ يوليو ١٩٦٠.

<<  <   >  >>