للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل التاسع: فن المقال الكاريكاتيرى]

[الكاريكاتير الوظيفي في مقال طه حسين]

...

الفصل التاسع: فن المقال الكاريكاتيري

ربما كان الجاحظ أول كاتب إسلامي يعالج فن "الكاريكاتير" في النثر العربي١، وهو فنٌّ لم يقصد فيه الجاحظ إلى الجد وإنما إلى الهزل٢، تجعلنا نعتقد أن هذا الكاتب العباسي الكبير -يعتبر- واضعًا لأساس الكاريكاتور في الأدب العربي٣. الذي نبغ فيه من رجال الصحافة والأدب منذ ظهور الصحافة الشعبية في مصر كثيرون، من أشهرهم: إبراهيم المويلحي صاحب "مصباح الشر"٤، ثم الشيخ عبد العزيز البشري، وأحمد حافظ عوض٥, وإبراهيم عبد القادر المازني، وطه حسين؛ في المرحلة الرابعة من مراحل تطور الصحافة المصرية التي تقع بين عامي ١٩٢٢، ١٩٤٢.

[الكاريكاتير الوظيفي في مقال طه حسين]

على أن الكاريكاتير المقال عند طه حسين يتميز بالاستخدام الوظيفي في أداء وظائف المقال الصحفي، متوسلًا بالمبالغة والتجسيم كفن الكاريكاتير، إلى جانب سخريته النابعة من العقل، وتمثُّله طبيعة الروح المصرية وحبها الفطري للدعاية والسخرية، التي تتناسب مع طبيعة المصريين وتاريخ بلادهم٦، ذلك أن السخرية المصرية في جملتها سخرية عملية حسية, لا تتمادى في الخيال, ولا تتعلّق بالغوامض، لأن أصحابها قوم عمليون يقيسون الأمور بمقياس الوقائع والتجارب العيانية٧.

وفي ذلك ما يشير إلى ملاءمة السخرية المصرية لمقومات الاتصال الصحفي بجماهير القراء، من حيث الاعتماد على مقاييس الواقع والتجارب العيانية، وعدم الإغراق في الخيال، ومن حيث الوظيفية الهادفة التي تجعل منها سلاحًا بتارًا في أيدي المصريين، وفي مقال طه حسين، لصيانة الاستقرار الفكري والاتجاه الاجتماعي ضد شتى عوامل التنافر أو المفارقة أو الابتداع والإغراب. ولذلك يتميز المقال الكاريكاتيري عند طه حسين بقيامه بوظيفة "المصحِّح الاجتماعي.


١ الدكتور عبد اللطيف حمزة: المدخل ص١٩٤.
٢ الدكتور طه حسين: من حديث الشعر والنثر ص٥٦.
٣، ٤، ٥ الدكتور عبد اللطيف حمزة نفس المرجع ص١٩٤، ١٩٥.
٦، ٧ عباس محمود العقاد: سعد زغلول ص٣٠، ٣١، ٣٢.

<<  <   >  >>