ثم يمضي بمقاله في الكشف عن التناقض أو الاستحالة أو الانحراف عن المنطق من خلال عرضه الكاريكاتيري لضروب المفارقة أو التنافر أو الاختلال في القياس، فرئيس "الوزراء ليصبح منذ ذلك الوقت وليس له إلا سيارة واحدة، في سيارة المالية، ولكنه رئيس ووزير، له صفتان, فيجب أن تكون له سيارتان، ولا ينبغي أن يكون كغيره من الوزراء ذا سيارة واحدة، لهذا لم يقنع بسيارة المالية، وأزمع أن يشتري سيارة أخرى للرياسة، وتستطيع أن تلاحظ في غير فائدة ولا غناء، أن رئيس الوزراء مريض، وأن حركته قليلة، وانتقالاته محدودة، فسيارة واحدة كانت تكفيه، ولكنه كما قلت لك ذو صفتين، فيجب أن يكون ذا سيارتين! ولا تقل أن وزير التقاليد ذو صفتين، فهو وزير المعارف ورئيس الجامعة، فيجب أن يستقلَّ سيارتين، سيارة المعارف وسيارة الجامعة، فالفرق بين وزير التقاليد، ورئيس الوزراء، واضح جدًّا، لأن وزير التقاليد لا يتلقى رياسة الجامعة بمرسوم، وإنما هي صفة تنشأ له نشوءًا، وتنشأ له نتوءًا، فهي أشبه بالعِلَّة العارضة، منها بأي شيء، وهي ملازمة له، لا يستطيع أن يتخلص منها، إلا أن يستقيل من الوزارة"١.
ثم يقول:"ومن المرجَّح كما يقول الناس، أن في القاهرة سيارات يمكن أن تشترى، منها الفخم الذي يليق برؤساء الوزارات، ومنها المتوسط الذي يليق بالوزراء، ومنها البسيط الذي يليق بأوساط الناس، ومن المرجَّح أيضًا أن شراء هذه السيارات من القاهرة أدنى إلى المألوف، وأقرب إلى الاقتصاد، ولكن رئيس الوزراء سيسافر إلى أوروبا في أجازة طويلة، ليستشفي ويستريح، وهو كما قلنا أمس، لا ينبغي أن يتخذ في أوروبا ما يتخذه عامة الناس من وسائل الانتقال، فيجب أن تكون له سيارته, وما دام رئيسًا للوزراء، وما دام وزيرًا للمالية، فيجب أن تكون له سيارتان تنتقلان معه حيثما وجه، وأينما ذهب، يستقلٌّ إحداهما وهو رئيس الوزراء, ويستقل الأخرى وهو وزير المالية! يستقلُّ كلًّا منهما في وقت من الأوقات، حين يفكِّرُ في إحدى هاتين الصفتين منفردة.
"فإذا فكر فيهما مجتمعتين استقلَّ السيارتين في وقت واحد!!
ولكن رئيس وزرائنا أرفق بخزانة الدولة، وأحرص على أموال الدولة، من أن يكلفها هذه النفات كلها، فليكتف إذن بإحدى السيارتين في أوروبا، وليستقلها مرة رئيسًا للوزراء وأخرى وزيرًا للمالية، وليجمع السيفين في غمد، حين لا يكون من ذلك بد..! "٢.
ومن ذلك يبين استخدام عنصر التضاد في التصوير الكاريكاتيري القلمي.