للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن عنوان المقال عند طه حسين يشير صراحةً إلى قدرته على سبر الأسرار اللغوية العربية واستخدامها بما يخدم أغراض المقال، ويؤدي وظائف العنوان، ومن ذلك ما يشير إلى حصيلته اللغوية واستخدام أسرارها استخدامًا وظيفيًّا هذا العنوان:

"رمتني بدائها وانسلت١.

ويرتبط هذا العنوان كذلك بمقدمة المقال ارتباطًا عضويًّا, يقول:

والتي رمتني بِدَائِهَا هي إذاعة دمشق والطائفة الطاغية الباغية التي تدير أمرها, وتوجه أحاديثها, وتفرض عليها في كل لحظة أن تغيّر حقائق الأشياء, وأن تتكلف الكذب على السوريين وغير السوريين في غير تحفُّظٍ ولا تحرُّج ولا استحياء. وداؤها الذي رمتني به هو أني لم أكتب المقال الذي نشرته الجمهورية صباح السبت الماضي من تلقاء نفسي, ولا من وحي ضميري, ولا من تفكير عقلي, وإنما أُمْلِيَ عليّ ذلك المقال فحفظته عن ظهر قلب, وأمليته كما تلقيته, وأرسلته إلى الجمهورية فنشرته كما تلقته مني٢".. إلخ.

"جوع وأحاديث٣".

كما يستخدم كلمة "بطر..! ٤" عنوان المقال يردُّ فيه على مزاعم الانفصال السوري عن الوحدة. ويستخدم كلمتي: "التبعة الكبرى٥" عنوانًا لمقال يحمِّل المتمردين في سوريا تبعات الانفصال كما تقدم، وما ترتَّب عنها من تحرُّش إسرائل, وتحويل مجرى الأردن.

كما يستخدم عنوان: "السياسة السلبية٦" للدلالة على سياسة الوزارة النسيمية.

وكما أفاد أسلوب طه حسين من ثقافته الأوربية إلى جانب الثقافة العربية، فأضفى عليه مزاجًا خاصًّا؛ فيه من لغة العرب البيان والإشراق واللمح، وفيه من الفرنسية الوضوح والإبانة والدقة، يمكن القول كذلك أن عنوان مقاله قد أفاد من هذا المزاج ومن هذه السمات.


١ الجمهورية في ١٤ أكتوبر ١٩٦١.
٢ الجمهورية في ١٤ أكتوبر ١٩٦١.
٣ البلاغ في ١٧ نوفمبر ١٩٤٧.
٤ الجمهورية في ٢١ أكتوبر ١٩٦١.
٥ الجمهورية في ١٨ أكتوبر ١٩٦١.
٦ السياسة في ديسمبر ١٩٢٢.

<<  <   >  >>