للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك يتبين الخط البياني لأثر البيئة العامة في مقال طه حسين وتعرُّفِه على مقوِّمات الشخصية المصرية، فكان في مطلع هذا القرن "مقصورًا على نفسه لا يكود يتجاوزها"١ في حين ينتقل بعد ثورة١٩١٩ بالفكر المصري إلى طورٍ جديدٍ يسميه طور "الحياة العالمية لمصر"٢, وهو الطَّوْر الذي يتمثَّل مقومات البيئة المصرية بعناصرها الثلاثة: العنصر المصري الخالص الذي ورثناه عن المصريين القدماء على اتصال الأزمان بهم, وعلى تأثرهم بالمؤثرات المختلفة التي خضعت لها حياتهم٣, والعنصر العربي الذي يأتينا من اللغة ومن الدين ومن الحضارة, والذي "امتزج بهذه الحياة امتزاجًا مكونًا لها مقومًا لشخصيتها"٤, وهذا العنصر ليس عنصرًا أجنبيًّا، ذلك أنه كما يقول طه حسين قد "تَمَصَّرَ منذ قرون وقرون، وتأثر بكل المؤثِّرَات التي تتأثر بها الأشياء في مصر من خصائص الإقليم المصري"٥, والعنصر الأخير عنصر أجنبي تقتضيه الطبيعة الجغرافية لمصر٦, ويأتيها من اتصالها بالأمم المتحضرة في الشرق والغرب٧.

ويتفاوت تأثير هذه العناصر الثلاثة على كُتَّاب المقال الصحفي في مصر بمقدار حظِّ كل كاتبٍ منها، فبعض آثارهم يغلب عليه العنصر العربي، وبعضها يغلب فيه العنصر الأوربي، وقليل جدًّا منها يظهر فيه العنصر المصري القديم.

وتأسيسًا على هذا الفهم، فإننا ننتقل إلى دراسة الجانب المتمِّم في بيئة التكوين الصحفي للدكتور طه حسين، وهو الجانب المتعلِّق بمدرسة الجريدة.


١، ٢ المرجع نفسه.
٣، ٤ الدكتور طه حسين: فصول ص٩٩.
٥ الدكتور طه حسين: فصول ص٩٩.
٦، ٧ المرجع السابق ص٩٩.

<<  <   >  >>