للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبين تأثر طه حسين بهذه الأصداء في رسائله الصحفية، من "عهد"١ عاهد فيه القراء في أول مقالٍ له بالصحيفة الوفدية، يقول فيه: ".. وأنا واثق مطمئن إلى أني لم أبلغ ما يأملون في ويرجون مني, فلن أقصِّرَ عن الإخلاص الذي ليس فوقه إخلاص، ولن أفتر عن النصح الذي ليس بعده نصح، ولن أضنَّ بقوة أملكها أو جهد أقدر عليه, وإنما أبذل هذا كله صادق الرأي ماضي العزم، قوي الأمل، كأحسن ما يكون الرجل استعدادًا لاستقبال الخطوب، واحتمال الآلام في خدمة هذا البلد الحزين"٢.

ويمضي مقال طه حسين في "كوكب الشرق" محققًا لهذا "العهد" متوسلًا -كما يقول حافظ عوض٣- "بقلمه الفياض، وإيمانه الفياض، وعقله الفياض، في الصحافة المصرية وفي السياسة المصرية، في الأزمة المصرية الحالية"٤.

على أن الخصومة بين طه حسين وصدقي ليس مصدرها، كما زعمت الصحف الوزارية فصله من الجامعة٥، وموهمةً بأن هذه الخصومة "انتقام لنفسه"٦؛ إذ كان في مقدوره أن يظل "عميدًا لكلية الآداب وإلى أكثر من ذا المنصب لو أراد"٧, ولكنه أراد مصلحة الوطن وعمل على استقلال الجامعة وإبعادها عن أهواء الوزارة وشهوتها الحزبية, في سبيل ذلك ضحَّى راضيًا مغتبطًا بمنصبه الخطير"٨.

ومن ذلك يبين أن طه حسين يتحول بسرعة متعاقبة إلى ارتباط بالوفد وجماهيره وصحافته، فينتقل من التجديد الفكري إلى التنشئة الاجتماعية والاقتراب من مشكلات المجتمع، التي تجسدت في الأزمة الاقتصادية، وما نجم عنها من تهديد للعقائد الثابتة عند الناس من خلال التبشير، وفساد الحكم٩ ويتخذ من هذه المشكلات مواقف عنيفة جريئة، يساق بسببها إلى النيابة والقضاء، مع الدكتور هيكل وعبد حسن الزيات وحفني محمود، ويصدر الحكم عليهم بالغرامة وتعطيل السياسة شهرًا واحدًا١٠.

ثم يشتري طه حسين امتياز جريدة "الوادي" بعد استقالته من "كوكب


١، ٢ كوكب الشرق في ٩ مارس ١٩٣٣، انظر ملاحق الكتاب.
٣، ٤ كوكب الشرق في ٨ مارس ١٩٣٣.
٥، ٦ الشعب في ١٠ مارس ١٩٣٣.
٧، ٨ كوكب الشرق في ١١ مارس ١٩٣٣.
٩ انظر حسين هيكل: مرجع سابق ص٣٥٣.
١٠ كوكب الشرق في ٢٣ أبريل ١٩٣٣.

<<  <   >  >>