للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينمو ولا يزكو؛ كالزرع في أرض بور غير مطيبة، وقال سهل بن عبد الله١: حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل.

ومنها: أن يغتنم التحصيل وقت الفراغ والنشاط٢ وحال الشباب وقوة البدن ونباهة الخاطر، وقلة الشواغل قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، روينا عن عمر رضي الله عنه: تفقهوا قبل أن تُسَوَّدوا -أي: تصيروا سادة- فتستحيوا من التعلم٣، قال الشافعي رضي الله عنه: تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه٤، وجاء في الخبر: مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر، ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء٥، وقال ابن عباس رضي الله عنه: ما أوتي عالم علما إلا وهو شاب٦، وهذا باعتبار الغالب، وإلا فمن كَبِرَ لا ينبغي له أن يحجم عن الطلب، فإن الفضل واسع والكرم وافر، وقد قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢] وقال تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [القصص: ١٤] وقال تعالى: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا} [الشعراء: ٢١] إلى غير ذلك، وقصة القفال٧ واشتغاله في كبره بالعلم


١ هو أبو محمد، سهل بن عبد الله بن يونس التستري: أحد أئمة الصوفية وعلمائهم، والمتكلمين في علوم الإخلاص والرياضيات، وعيوب الأفعال، توفي في سنة ٢٨٣هـ. الحلية ١٠/ ١٩٨، والأعلام ٣/ ١٤٣.
٢ تذكرة السامع والمتكلم ٧٠.
٣ تذكرة السامع والمتكلم ٣٤.
٤ تذكرة السامع والمتكلم ١٣٤.
٥ مجمع الزوائد ١/ ١٢٥، وفيض القدير ٥/ ٥٠٩، وكشف الخفاء ٢/ ٨٦، والفردوس بمأثور الخطاب ٤/ ١٣٥، واللآلي المصنوعة ١/ ١٠٢، وتذكرة الموضوعات ص٢٢.
٦ المعجم الأوسط ٦/ ٢٨٣، ومجمع الزوائد ١/ ١٢٥.
٧ هو أبو بكر القفال، عبد الله بن أحمد المروزي: فقيه شافعي، كان وحيد زمانه فقها وزهدا كثير الآثار في مذهب الإمام الشافعي، له "شرح فروع محمد بن الحداد المصري" في الفقه، وكانت صناعته عمل الأقفال قبل أن يشتغل بالفقه، وربما قيل له: "القفال الصغير"؛ للتمييز بينه وبين القفال الشاشي "محمد بن علي"، توفي في سجستان ٤١٧هـ. وفيات الأعيان ٣/ ٤٦، والسير ١٧/ ٤٠٥.

<<  <   >  >>