حكي أن بشر المربسي١ دخل يوما على الشافعي وعنده رجل من أهل المدينة، وكان الشافعي عليلا متكئا مضطجعا، فناظر بشر المدني في إفراد الإقامة فقال: أجمعنا على أنه إذا ثنى الإقامة فقد أتى بالإقامة، واختلفنا في أنه إذا أفردها هل أتى بها؟ فيجب أن نأخذ بالمتفق ونترك المختلف قال: فتحير المدني، فاستوى الشافعي عند ذلك وقال: إن كان ما قلت صحيحا فقد لزمك أن تقول بالترجيع في الأذان؛ لأنا قد اتفقنا على أن الأذان مع الترجيع صحيح واختلفنا في صحته بدونه، فسكت بشر حتى ظهر للكل انقطاعه، ثم عاد الشافعي إلى اضطجاعه.
١ هو أبو عبد الرحمن، بشر بن غياث المربسي، العدوي، بالولاء: فقيه معتزلي عارف بالفلسفة ويُرمى بالزندقة، وهو رأس الطائفة المريسية القائلة بالإرجاء، وإليه نسبتها، أخذ الفقه عن القاضي أبي يوسف، وقال برأي الجهمية، وأوذي في دولة هارون الرشيد، وقيل: كان أبوه يهوديا، وهو من أهل بغداد، ينسب إلى درب المريس فيها، توفي في سنة ٢١٨هـ. تاريخ بغداد ٧/ ٥٦.