للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناظرة بين إمام السنة الشيخ أبي الحسن الأشعري ١ وأبي علي الجبائي ٢ في أن أسماء الله توقيفية ٣:

دخل رجل على الجبائي فقال: هل يجوز أن يُسمى الله تعالى عاقلا؟ فقال الجبائي: لا؛ لأن العقل مشتق من العقال وهو المانع، والمنع في حق الله محال، فامتنع الإطلاق، قال الشيخ أبو الحسن: فقلت له: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيما؛ لأن هذا مشتق من حَكَمة اللجام، وهي الحديدة المانعة للدابة عن الجموح٤، ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت٥ رضي الله عنه "من الوافر":

فنحكم بالقوافي من هجانا ... ونضرب حين تختلط الدماء٦

وقال الآخر "من الكامل":

أبني حنيفة حكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا٧


١ أبو الحسن، علي بن إسماعيل بن إسحاق، من نسل الصحابي أبي موسى الأشعري: مؤسس مذهب الأشاعرة، كان من الأئمة المتكلمين المجتهدين، ولد في البصرة، وتلقى مذهب المعتزلة، وتقدم فيهم، ثم رجع وجاهر بخلافهم، قيل: بلغت مصنفاته ثلاثمائة كتاب، وتوفي ببغداد سنة ٣٢٤هـ. ابن خلكان ٣/ ٢٨٤، والأعلام ٤/ ٢٦٣.
٢ هو أبو علي، محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي: من أئمة المعتزلة، ورئيس علماء الكلام في عصره، وإليه نسبة الطائفة الجبائية، له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب، اشتهر في البصرة، ودفن في جبى "من قرى البصرة" سنة ٣٠٣هـ. ابن خلكان ٤/ ٢٦٧، والأعلام ٦/ ٢٥٦.
٣ طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٣٥٦.
٤ انظر اللسان والتاج "حكم".
٥ هو أبو الوليد، حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري: الصحابي، شاعر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، وكان من سكان المدينة، وعمي قبيل وفاته، وكان شديد الهجاء، فحل الشعر، توفي في المدينة سنة ٥٤هـ. الأغاني ٤/ ١٣٤، نكت الهميان ١٣٤، والأعلام ٢/ ١٧٥.
٦ انظر ديوان حسان بن ثابت ص٧٤، وطبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٣٥٨.
٧ البيت لجرير كما في ديوانه ١/ ٤٦٦، وطبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٣٥٨، والفائق ١/ ٣٠٣.

<<  <   >  >>