للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به أنه لا بد فيه من جمع القلب واجتماع الفكر١، وقيل: أمر بعض المشايخ طالبا بنحو ما رواه الخطيب فكان آخر ما أمره به أن قال: اصبغ ثوبك كي لا يشغلك فكر غسله٢، ومما يقال عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال: لو كلفت شراء بصلة لما فهمت مسألة٣، وقال إمام الحرمين٤ رحمه الله "من الطويل":

أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأُنبيك عن تفصيلها ببيان٥

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة٦ ... وتلقين أستاذ وطول زمان

فالعلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وقد قيل على رواية وعُزبة: يشتغل بحقوق الزوجة عن إكمال طلب العلم، واحتج بحديث: "خيركم بعد المائتين كل خفيف الحاذ"، قيل: يا رسول الله، ومن خفيف الحاذ؟ قال: "من لا أهل له ولا مال"٧، قال سفيان الثوري: من تزوج فقد ركب البحر، فإن وُلد له فقد


١ تذكرة السامع والمتكلم ٧١.
٢ تذكرة السامع والمتكلم ٧١.
٣ تذكرة السامع والمتكلم ٧١.
٤ هو أبو المعالي، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين: أعلم المتأخرين، من أصحاب الشافعي، ولد في نواحي نيسابور، ورحل إلى بغداد ومكة والمدينة، ثم رجع إلى نيسابور، وكان يحضر دروسه كبار العلماء، له مصنفات كثيرة، توفي في سنة ٤٧٨هـ. وفيات الأعيان ٣/ ١٦٧، والسير ١٨/ ٤٦٨.
٥ البيتان في تعليم المتعلم للزرنوجي ص٤٤، وقد نسبهما للإمام علي رضي الله عنه، وانظر ديوانه ص٢٠١، وينسب البيتان أيضا للإمام الشافعي، انظر ديوانه "جمع وتعليق: محمد عفيف الزغبي" ص٨١.
٦ قيل عن السلف هكذا: وغربة من التغريب عن الأهل؛ لأن الفكرة إذا توزعت قصرت عن إدراك الحقائق، وقيل: وعزبة من العزوبية وهو صحيح أيضا؛ لئلا يشتغل بحقوق الزوجة عن إكمال طلب العلم، وقيل: وبلغة من السعة في المال؛ ولهذا قال الشافعي كما تقدم: لو كلفت شراء بصلة ما تعلمت مسألة، فإذا كان معه بلغة فكأنه ما تكلف.
٧ شعب الإيمان ٧/ ٢٩٢، والزهد وصفة الزاهدين ١/ ٦١، انظر ما قيل عن هذا الحديث حاشية السير ١٣/ ١٤ ففيه زيادة وفضل، وكتاب العلم للنووي ص١٠٣.

<<  <   >  >>