للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقرب إلى الله تعالى وإلى قلب الشيخ١، وقيل: أربعة لا يأنف الشريف منهن وأن كان أميرا: قيامه من مجلسه لأبيه، وخدمته للعالم الذي يتعلم منه، والسؤال عما لا يعلم، وخدمته للضيف٢.

ومنها: أن يقوم بقيام الشيخ ولا يجلس وهو قائم، ولا يضطجع وهو قائم أو قاعد، بل ولا يضطجع بحضرته مطلقا إلا أن يكون وقت نوم ويأذن له، ويقوم له كلما ورد عليه ولو تكرر لزيادة التوقير والإعظام والاحترام، وقد تقدم أن شيخ الإسلام النووي ألف كتابا في مسألة القيام٣.

ومنها: إذا مشى مع شيخه ليلا فليكن أمامه٤، أو نهارا فليكن وراءه إلا أن يقتضي الحال خلاف ذلك لزحمة أو غيرها٥، وليتبع في ذلك عادة أهل البلد، فمتى خالف نسب لقلة الأدب، ومما ينسب لشيخ الإسلام البرهان٦ بن جماعة ما لفظه: فائدة من عادة الفقراء المشي خلف الشيخ، ومن عادة الفقهاء المشي بين يدي الشيخ، وقد ورد في الحديث أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يمشون بين يديه ولا يدع أحدا يمشي خلفه ويقول: "دعوا ظهري للملائكة" ٧.

قلت: ولهذا ترى الدولة يكون رئيسهم وكبيرهم وراء القوم، وهذا أصله.

ومن فعل عكس ذلك من الأكابر فمراده ألا يتشبه بمن هو أكبر منه؛ ولكن


١ تذكرة السامع ١٠٩-١١٠.
٢ تذكرة السامع ١١٠.
٣ انظر ما سبق ١٢٤ الحاشية الثامنة.
٤ تذكرة السامع والمتكلم ص١١٠.
٥ خرج القاضي ابن سريج، وابن داود الظاهري، ونفطويه إلى وليمة دعوا لها، فأفضى بهم الطريق إلى مكان ضيق، فأراد كل واحد منهم صاحبه أن يتقدم عليه، فقال ابن سريج: ضيق الطريق يورث سوء الأدب، وقال ابن داود: لكنه يعرف مقادير الرجال، فقال نفطويه: إذا استحكمت المودة بطلت التكاليف.
٦ هو صاحب كتاب تذكرة السامع والمتكلم، ولم نجد هذا القول في كتابه.
٧ مجمع الزوائد ٤/ ١٣٦، ومسند أحمد ٣/ ٣٩٧، وحلية الأولياء ٧/ ١١٧، وسنن الدارمي ١/ ٣٧، والبيان والتعريف ١/ ١٧٠، ومصباح الزجاجة ١/ ٣٦، وشرح سنن ابن ماجه ١/ ٢٢.

<<  <   >  >>