للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينشده أو ينشيه أو مؤلَّف يؤلفه ليروى ذلك عنه، ويجتهد على روايات الأمور المهمة كالفقه والفوائد النفسية والمسائل الرقيقة، والفروع الغريبة وحل المشكلات والفروق في الأحكام المتشابهات من جميع الأنواع ويعلق ذلك بالكتابة، قال صلى الله عليه وسلم: "قيدوا العلم"، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: وما تقييده؟ قال: "كتابته"١، وكان رجل من الأنصار يجلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكى ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال صلى الله عليه وسلم: "استعن بيمينك" وأومأ بيده٢ أي: خط، وعن عمر رضي الله عنه: قيدوا العلم بالكتاب٣، وعن معاوية بن قرة٤ قال: كان يقال: من لم يكتب علمه لم يعد علمه علما، وروي عن الحسن بن علي٥ رضي الله عنهما أنه دعا بنيه وأخيه فقال: إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته٦.

وينبغي بل يتعين٧ أن تكون همته في طلب العلم عالية، فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان كثيره، ولا يقنع من إرث الأنبياء بيسيره، ولا يؤخر تحصيل فائدة تمكن منها، ولا يشغله الأمل والتسويف عنها، فإن للتأخير آفات، ولأنه


١ المعجم الكبير ١/ ٢٤٦، ومعجم الزوائد ١/ ١٥٢، ومسند الشهاب ١/ ٣٧٠.
٢ فيض القدير ١/ ٦٢٨، وكشف الخفاء ١/ ١٢٩.
٣ مجمع الزوائد ١/ ١٥٢، والطبقات الكبرى ٧/ ٢٢، وفيض القدير ٤/ ٦٩٣.
٤ هو أبو إياس المزني البصري والد القاضي إياس، ابن إياس بن هلال بن رئاب: محدث ثقة من كبار التابعين، لقي كثيرا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي سنة ١١٣هـ. السير ٥/ ١٥٣، تهذيب التهذيب ١٠/ ٢١٦.
٥ هو أبو محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي: خامس الخلفاء الراشدين، وثاني الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكبر أولادها وأولهم، ولد في المدينة المنورة، وتوفي مسموما بها سنة ٥٠هـ.
٦ سنن الدارمي ١/ ٤٤٣، حديث رقم ٥٢٨.
٧ تذكرة السامع ١٣٣.

<<  <   >  >>